هاجر اوموسى تكتب: الجامعة التي نريد

هاجر اوموسى

تعتبر الجامعة فضاء للفكر والعلم، وكيان أساسي ومهم في المجتمع عامة وفي المنظومة التربوية بصفة خاصة،باعتبارها وعاء علمي يلبي الحاجات الملحة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية.

و من هذا المنطلق فإن الأهميةالمركزية التي تحتلها الجامعة، تفرض علينا مقاربتها وفهمها كفكرة ودور وثقاقة وتكوين متجاوز لآليات نظام التلقي السلبي و العمل الفردي و التحول من منطق التدريس إلى منطق التكوين والتأطير،الذي ينمي الطاقة الذاتية والقدرة على المشاركة والإقتراح والإقتحام.

إن الجامعة هي مجال الإنفتاح والإكتشاف والإبداع بتنوع و تعدد أبعاد نظامها التكويني الذي تتميز به والذي يشكل قوتها الإقتراحية القادرة على المساهمة في صناعة السياسات العامة ومجابهة الإشكاليات المجتمعية.

فالجامعة ليست فضاء جاف يسعى إلى تفريخ نخب تقنية غير قادرة على إدراك الرهانات و التحديات المجتمعية ، وغير ممتلكة لوسائل الإنخراط الواعي و المسؤول في القضايا السياسية و الإقتصادية و الثقافية للبلاد، بل بالعكس فالجامعة هي الفضاء المناسب لنشأة و تطور النخب الوطنية المشاركة و المساهمة في كل قضايا بلادها .

و الجامعة المغربية تميزت دائما بقوة حركاتها الطلابية التي تعتبر رافعة العمل السياسي داخل أسوارها و الحاضنة الرئيسية لنمو كل الأفكار المدعمة لمبادئ المواطنة وبناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، و المدرسة الحقيقية لاكتمال الوعي الوطني لدى روادها.

قوة هذه الحركة الطلابية و فعاليتها في المساهمة في الرفع من مستوى الوعي الوطني ، تجلت بالأساس في تنوع الإستقطابات و العروض السياسية التي تتيحها داخل الفضاء الجامعي، فلطالما كانت الجامعة و حركتها الطلابية منبثا لإنتاج النخب والقيادات الفكرية والسياسية ومدرسة للتكوين السياسي والفكري المؤمن بالحريات والإختلافات ومواجهة القمع.

إن التأطير السياسي للشباب المغربي من داخل الجامعات له تأتير مباشر وقوي على مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالوعي السياسي والثقاقة السياسية والمشاركة السياسية، حيث أنه بدون ثقافة سياسية وبدون مرور الطالب من عمليتي التنشئة والتربية السياسية لن يتكون لديه وعي سياسي بمايتضمنه من معارف وقيم وأخلاق تتيح له أن يدرك أوضاع مجتمعه بل يحللها ويحكم عليها ويحدد موقفه منها، فلاشك أن الطالب المنخرط سياسيا بوعي و مسؤولية هو الفاعل، هو قوة الوطن وتروثه المستدامة التي يستتمرها على أرض تابثة وبرؤية رائقة .

ومن هنا يمكننا القول أن البيئة الجامعية هي بيئة مجتمعية تتداخل فيها المصالح والتوجهات وتنشئ فيها العلاقات وتختلف فيها وجهات النظر،خاصة في ظل المتغيرات والثورات المعرفية والتكنولوجية المتسارعة، التي تفرض علينا استغلالها بطريقة ناجحة و فعالة، تتجاوز المنطق الكلاسيكي للعمل السياسي الطلابي إلى منطق جديد مبني على الإبتكار و الإبداع و التجديد الشامل لوسائل و آليات الاشتغال يضمن لنا وجود شباب متعلم، مكون ومؤطر أكاديميا وفكريا وسياسيا ، و منخرط في عصره .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *