هاجر اوموسى تكتب : الكمياء السياسية

هاجر اوموسى
عندما نتحدث عن الكيمياء السياسية ،فنحن بصدد مقاربة تحليلية لمفهوم ينتقل من المجال المجازي إلى المجال الواقعي ، فهذا المدلول يتمحور حول الفهم الشمولي لجميع التوازنات ،ونقاط الضعف والقوة ،وردود الأفعال ،بل العوامل التي تؤثر في صناعة القرار نحو القوة السياسية.

إن الكيمياء كتعبير ومصطلح علمي مرتبط بالتفاعلات بين المقام والسياق المستعمل فيه حاضر في حياتنا وممارساتنا وعلاقاتنا المجتمعية ، فالإيحاء التحليلي له كمفهوم نظري نسبي هو ذاك التواصل والتوافق  والتفاهم السريع  بين السياسي كمتفاعل أول  والمجتمع كمركب كيميائي يذخل في التفاعل باختلاف فئاته العمرية والثقافية والاجتماعية،  فالأصل في ذلك  هو عملية فكرية فلسفية مشتركة وعلاقة تحت المجهر ،تهدف إلى جعل الممارسة السياسية هي الناتج والفاعل الوحيد في تذويب  واستئصال المسافات بين الأحزاب والفئة المجتمعية .

إن الفعل السياسي القوي لا يتعلق فقط بالقدرة على صنع القرار، فالأصل في الفاعل السياسي القوي لايقتصر فقط على الوعي والتكوين والثقافة كيقظة فكرية وسياسية بل هو القدرة على فهم وإدراك واقع الأفراد  من خلال رؤية شاملة ومكتملة للبنية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، و كذا تسييره لهذا الواقع باعتماد مبدأ القيادة الحقة المبنية على الممارسة السياسية السليمة والتي هي في الأصل أساس الوعي السياسي ، فهنا وجب التأكيد على أن الكيمياء السياسية كممارسة حقيقية وفعلية هي أساس نجاح الفعل السياسي وتحقيق أسس الديمقراطية والاشتراكية .

إن الجزء المهم في القيادة السياسية هو الوعي بالتفكير السياسي  كمرحلة أساسية  في عملية رسم خط الانطلاق لبناء جديد يعتمد على معطيات موضوعية وواقعية ومرنة، تراعي جميع الفئات  وتصب في معادلة الكيمياء السياسية  الخاضعة لمبدأ التنزيل والاقناع والتسيير والقيادة .

إنه لمن المؤكد أن عملية التوافق بين القائد السياسي والفئة المجتمعية تستلزم انفتاحا أمام ومع مختلف مكونات المجتمع باعتماد آليات وميكانيزمات حقيقية الوصول لمفهوم الكيمياء السياسية ،فالقراءة الصحيحة لهذا المفهوم تضع الوسيلة الأساسية من إشراك وانخراط ومواكبة وخلق دينامية دائمة قابلة للتجديد المستمر في الممارسات والأسس والشرعيات، أداة وقاطرة لدعم الهدف الأساسي وهو بناء الدولة القوية .

تعتبر المعادلة الكيميائية السياسية هي  نتيجة للحوار الناضج والتواصل المستمر بين القائد وأفراد المجتمع. فصياغة القرار السياسي المبني على وعي وثقافة وفهم شامل ليس كافي للوصول إلى الهدف، لان نجاح القرار يرتبط أولا بمدى مرونته وتأثيره على الفئة المجتمعية وثانيا بمراعاته لجميع الأطراف المتعلقة بالقرار.

إننا بتحقيق ونجاح هذه المعادلة نكون قد وصلنا إلى عمق  السياسة كتكوين وتنزيل وانخراط وممارسة وقيادة. وهنا يكمن أهمية الوعي السياسي المنفتح القادر على المواكبة والتجديد باعتباره المتفاعل  والقائد الأول   للمركب التفاعلي .

إن التوافق الكيميائي بين الأحزاب والشعوب ينتج قرارات جيدة تدعم تنمية الشخصية الديمقراطية وتسهم في بناء العدالة الإجتماعية والمسؤولية المشتركة بين الفاعلين السياسين وافراد المجتمع المدني بل تضعها في صلب التجديد المستمر لأسس الممارسات وصنع القرارات  فالهدف مشترك بين بناء الدولة وتطوير الكينونة الاجتماعية والسياسية.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *