هاجر اوموسى تكتب عن عزوف الشباب عن القراءة

هاجر اوموسى

اذا كانت للقراءة أهمية عظمى في اتبات الوجود، وتنمية جوهر العقول، باعتبارها غداء للفكر وانعكاس للعالم على الذات البشرية ، فمن حقنا ان نتسائل، كيف اغترب الشباب عن هذه العادة ؟ وما هي السبل لجعلها اساس النهضة بمجتمعاتنا؟

أظن ان الاجابة عن هذه التساؤلات مرتبطة بأزمة القراءة ومظاهر العزوف عنها، فما هو واضح وملموس أن الكتاب يعيش حربا قوية و ربما غير متكافئة مع التكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصال المعرفي ، التي تميل في الاصل الى السطحية بالرغم من وجود بعض البرامج ذات البعد الثقافي التي تتضمنها .

إلا أن المؤكد ، ان هذه الوسائل الرقمية الحديثة بايجابياتها وسهولتها وسرعة الوصول عبرها للمعلومة ،فهي تشكل احد اهم اسباب حالة التكاسل والتملل من مطالعة الكتاب والتركيز في محتواه .

فقراءة صحيفة تختلف عن قراءة كتاب علمي، وقراءة كتب التاريخ تختلف عن قراءة كتب الفلسفة ، وقراءة كتب الرياضيات تختلف عن قراءة كتب الأدب، فلا سبيل للمقارنة اذا كان الاصل هو خطاب لحواس الانسان في وقت واحد وفن يعتصر رحيقه وتتضاعف فوائده، عبر المطالعة العميقة و الشاملة ، المبتعدة عن التصفح السطحي .

ان الورق كائن ذو صيغة تفاعلية، وهذا يظهر خلال مطالعتك له، فانت بذلك تتفاعل معه، فيؤثر فيك ويتسرب الى اعماقك لينير افكارك وتؤثر فيه بانفعالك مع مفرداته و جمله و بنيته .

كتيرا ما تساءلت وأنا اقرأ أو اكتب عن العلاقة الثنائية بين الكاتب والقارئ ودائما ما كنت اربطها بعلاقة ذات اتجاهين، الكاتب يكتب والقارئ يتلقى وينفعل بما كتب ، يقترح ويكمل أو حتى يهاجم وينتقد ، وهذا ما يجعل لهذه العلاقة ، دورا مهما و اساسيا لتحفيز التفكير واكتشاف ابعاد غير سائدة، ليتحول المتلقي بدوره الى كاتب وناقد.

إن الكتاب مصدر المعرفة الاول ، ورافد مهم من روافد التنمية الفكرية و البشرية ، لذا فلابد من التفكير في ايجاد الحلول المناسبة و الناجعة للتصالح معه، فالقراءة شغف وملكة للساحة الفكرية.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *