هاشم اشهبار يكتب: هل أسقطت تطوان من حسابات مسؤوليها ؟
ارتباطا بتدوينة سابقة على حائطي الأزرق، و بصفتي واحد من أبناء الحمامة البيضاء، فكان لزاما علي أن أستنكر الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه المدينة التاريخية في ظل كسل مسؤوليها المحترمين.
و هنا أخص بالذكر أولئك المنتخبون الذي و بحكم الدستور يمثلون الساكنة و يعبرون عن مشاكلها و احتياجاتها و يدافعون عن مصالحها ، و لن أقول أكثر من هذا، و قد أستطيع التأكيد أن جميع سكان مدينة تطوان تتقاطع معي في هذه الصرخة، فما طال المدينة من سوء تسيير و تنازل مخزي عن الدفاع عن مصالحها، كان له الأثر السلبي الكبير على حاضر و مستقبل المدينة ، و بعيدا عن المزايدات و المبالغات و الكلمات الرنانة ، أستطيع أن أقول أن الأوضاع في تطوان كارثية و لا تؤشر بأن هناك إنفراجات في الأفق، طبعا في ظل كما قلنا كسل مسؤوليها و غياب أي استراتيجيات لرأب الصدع و استدراك ما يمكن استدراكه للخروج من عنق الزجاجة الذي بات يخنقنا جميعا ، هذه المدينة التي حباها الله بحب اهاليها و حتى زائريها، و كذا بحب ملكها، أصبحت اليوم أشبه بدمية جميلة من غير روح، مدينة لم يشفع لها تاريخها في استفزاز مسييرها الذين لا يرونها إلا مدينة سياحية رغم أنها تفتقر إلى كل معايير السياحة المتعارف عليها دوليا، اللهم هذا الكورنيش المستجد الذي يعتبر هبة ملكية خالصة، و لولا أن الملك قد دشن مشروع واد مرتيل بنفسه و حرص على تنفيذه لما سمعنا بهذا المشروع في يوم من الأيام.
و في توضيحي لنقطة المعبر الحدودي سبتة، و هل كان قرار غلقه ومنع التهريب بشكل نهائي قرارا صائبا أو لا، فالأكيد و البديهي والمنطقي أنه كان قرارا صائبا و شجاعا بكل المقاييس، و الأكيد أيضا أن هذا القرار سوف يعطي انتعاشة كبيرة و غير مسبوقة للإقتصاد الوطني العليل ، و هذا مالا يستطيع أحد إنكاره، لكن التحفظ الذي نريد تسجيله هنا، هو أن هذا القرار كان من الواضح أنه لم يعمل حسابا لجماهير المواطنين الذين كانوا يستفيدون منه ، تلك الآلاف التي كنا نراها يوميا تصارع الذل و المهان من أجل لقمة مغموسة في الويل، لكنهم و رغم ذلك كانوا راضيين بما قسم لهم في كل الأحوال و يحمدون الله على هذه القسمة ، لقد كانت هناك مئات البيوت المفتوحة من وراء هذا المعبر، فما هو مصيرهم اليوم؟
هؤلاء الآن في الشوارع، مهددون في حياتهم و حياة أبنائهم و ذويهم ، حالات طلاق و تفككات أسرية و إدمان و جريمة.. الخ.
فأين هؤلاء من تبعات هذا القرار؟ صحيح أن التهريب محرم قانونيا و دوليا ، لكننا في نفس الوقت لايمكن أن ننكر أنه حتى وقت قريب كان يوفر قوت الآلاف من ساكنة المنطقة؟
نحن اليوم نتحدث عن آلاف الأسر التي انقلبت أحوالهم بعد هذا القرار، و الذي لا نختلف مرة أخرى حول أنه كان قرارا حكيما شجاعا و وطني، لكن يا حبذا لو أننا عملنا بحساب هؤلاء المساكين الذين كانوا أول الضحايا و أكبر المتضررين.
نحن جميعا مع وطننا لكن هل يجوز تشريد أبناء الوطن؟!!
في النهاية لا يمكن إلا أن أندد بالدور الذي تلعبه حضرية تطوان بقيادة رئيسها الذي لا يفكر حتى في فتح نقاش عمومي حول مستقبل المدينة، فمادامت حساباته الإنتخابية مضبوطة و حياته مستقرة و أبناؤه بخير فكل شيء إذن بخير، لا حاجة لنا بمنطقة صناعية و لا تأهيل المجال التجاري أو هيكلة قطاع السياحة، يكفي تطوان شرفا أن رئيسها الحالي قال في يوم من الأيام:” لقد كانت تطوان قبلي قرية، و أنا من أدخل إليها الحضارة”.