هل سيسمح قانون الأحزاب للمتابعين قضائياً بالترشح خلال الإستحقاقات المقبلة؟

في الوقت الذي تضع الأحزاب آخر اللمسات لإنهاء عملية منح التزكية وإعداد لوائحها التي ستخوض بها الانتخابات المقبلة، برز نقاش حول الوجوه المتابعة قضائيا، أو ذات السوابق القضائية، التي نالت ثقة أحزاب ومنحتها التزكية لخوض الاستحقاقات.

يُطرح سؤال حول ما يقوله القانون عن هذه المسألة، خصوصا أن جل هؤلاء يُتابعون من أجل تهم تبديد أموال عمومية، وعلى إثر ذلك أدين عدد منهم بسنوات سجنا غير نافذ بعد ثبوت صحة ما يحوم حولهم، وقد حوكم عددٌ منهم خلال هذه السنة الانتخابية.

وهي أسماء معروفة ولها نفود واسع في الدوائر التي ستترشح فيها، ويحظون بمكانة في أحزابهم، وهو ما تأخذه الأحزاب بعين الاعتبار لتفوز بتلك الأصوات التي يحوزها هذا المُتابع، لذلك لم تجد حرجا في إعلان استقطابهم، أو إعادة تزكيتهم أو إبداء الاهتمام بهم، في إطار “الميركاتو السياسي” الذي احتدم مع دنو الانتخابات.

دعوات متناقضة للتعاطي مع المسألة

هذه التزكيات أثارت النقاش في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تحرك حقوقيون للدعوة إلى إبعاد هؤلاء المرشحين ورفض تزكيتهم، في وقت زعمت توقعات أن وزارة الداخلية أعدت لوائح تضم المئات من المرشحين المحتملين الذين سترفض السلطات المحلية طلبات ترشيحهم.

أما حزب العدالة والتنمية فكانت له وجهة نظر أخرى حول الموضوع، إذ دعا إلى توقيف المتابعات في حق عدد من منتخبيه إلى حين مرور الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

واقترح، خلال عملية تنصيب لجنة الانتخابات، بحضور زعماء أحزاب ممثلة في البرلمان، تأخير هذه المتابعات إلى حين مرور الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وعلّق سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قائلا إن هذه القضايا لن يطالها التقادم، ومن جهة أخرى أن هذا الأمر جرت به العادة في محطات سابقة، بحسب قوله في تصريح سابق للموقع الرسمي لحزبه.

لا وجود لقانون يمنع هؤلاء

كان عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الوحيد من ضمن الأمناء العامين والقياديين الحزبيين الذي خرج ليتحدث عن إمكانية منع المتابعين من الترشح.

وعلّق على الأمر بطمأنة مرشحي حزبه المعنيين، إذ خاطبهم من كلميم، في مهرجان انتخابي، قائلا “لقد سمعت كلاما عن أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت سيمنع بعض المرشحين من الترشح للانتخابات، هذا كلام غير قانوني”.

واسترسل يقول “لقد عملت طيلة ثلاثين عاما محاميا، ولدي خبرة كافية في القانون، وأنا أقول إنه لا وجود لنص قانوني يمنح الحق لوزير الداخلية في منع أي أحد في الترشح. ليس من حقه كذلك. القانون وحده من يفعل، القواعد القانونية واضحة في هذا الصدد، ولا يمكن قبول أي معالجة غيرها”.

وفي نظره فإن هذه الادعاءات “يمليها مسؤولون سياسيون، يظهرون أمام الناس كأشخاص أميين، وجاهلين بالقانون”.

فقدان للمصداقية

يرى عصام العروسي، أستاذ العلوم السياسية، أن الأحزاب “تستغل حيثية قانونية، هي أن الأحكام، خاصة الابتدائية، تجعل المعني غير حائز للحكم المقضي به”، مضيفا أنه من الناحية الأخلاقية على الأحزاب ألا تقدم أسماء متابعة، خاصة ناهبي المال العام، ومرتكبي جرائم الحق العام.

وأبرز العروسي، في تصريح لـSNRTnews، أن “من أوجب الواجبات أن ترشح الأحزاب أسماء مقبولة من ناحية الكفاءة والقيمة الأخلاقية في إطار تخليق الحياة العامة، الذي تبنته أحزاب لكن لم تطبقه، ونرى منها من طالبت بإرجاء محاكمة أسماء لتقديمها للانتخابات”.

وشدد على أن “هذا التسامح يعطي الانطباع على أن كل ما كان الشخص المنتخب له علاقة بالقيادة فإنه يتجاوز منطق الكفاءة والاستحقاق ونظافة قائمة السوابق القضائية”، موضحا أن “الكثير من المتورطين في قضايا تثير اهتمام الرأي العام مقبولون، والأحزاب المعنية تكرس للريع والمحسوبية وغلبة الناخبين الكبار، الذي يتخذون من الحزب واجهة سياسية لتحقيق أهداف مختلفة”.

وتابع قائلا “على الأحزاب تحديث أسمائها لكي تقدم الإضافة للساحة السياسية في المغرب. فالعملية تكرس لشراء الأصوات، الذي تحاربه الدولة، إذ لا يقتصر على المال، حيث نجد منهم من مازال لديه النفود في ميزانيات الدعم والتنمية، وبالتالي تكون هناك شبهات بالتلاعب واستغلال الفئات الهشة في الحملة الانتخابية، بشكل مدروس وذكي”.

وختم العروسي، تصريحه، بالتأكيد على أن “الأحزاب التي تقدم وجوها لها إمكانية ونفوذ، بغض النظر عن وضعها مع القضاء، فهي تجازف بسمعتها وبالعمل السياسي بشكل عام، لأن ما يهمها هو المقعد، وننتهي بعدم المشاركة والعزوف بسبب ذلك، وبالتالي فقدان شعبية ومصداقية هذه الأحزاب المعنية”.

و يوضح خالد الشيات، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أن مسألة الترشيح يضبطها القانون، إذ لا يتيح الترشيح في حالات محددة تنتفي فيها الحقوق السياسية بالترشح أو التصويت.

وبحسبه فإن “هذا أمر لا يمكن للأحزاب أن تتجاوزه لأنه من النظام القانوني، لكن نفس النظام وفي إطار ضمان هذه الحقوق وتماشيا مع أولوية الحق في الترشح والتصويت يتيح للأشخاص المتابعين بدون أحكام إدانة نهائية إمكانية الترشح”.

وأبرز في تصريح لـSNRTnews، أن أدوار الأحزاب السياسية تبقى محورية بحيث أن الجوانب الأخلاقية يجب أن تكون عاملا محددا لإعطاء التزكيات، بحيث أن الأشخاص الذين ثبت تورطهم شعبيا وأخلاقيا قبل أي متابعة قانونية يجب استبعادهم من العملية الانتخابية بعدم تخويلهم حق الترشح.

واستدرك قائلا “لكن مع سعي أغلب الأحزاب للحصول على المقاعد بعيدا عن أي معيار أخلاقي فإن الأمور لا يمكن أن تتغير وستبقى شخصيات مدانة شعبيا في قائمة الأحزاب السياسية، وإذا فقدت ثقة فئات شعبية واسعة يصبح دورها التأطيري معيبا”.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *