هل فعلاً تم اكتشاف احتياطي من النفط سواحل أكادير؟

منذ سنة 2000، عندما تم الإعلان عن اكتشاف بترولي “هائل” بمنطقة تالسيت بالجنوب الشرقي للملكة من طرف الشركة الأمريكية المغربية Lone Star Energy، قبل أن يتبين “زيف” هذا الاكتشاف الذي أعلن عنه الملك محمد السادس في خطاب أذيع على القنوات الرسمية بمناسبة ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2020 ـ منذ هذا التاريخ ـ أصبح الإعلان عن أي اكتشاف بترولي في المملكة يلفه بالكثير من الحذر حتى لا يتم التلاعب بالرأي العام المغربي بدون معطيات دقيقة بعيدا عن “لعبة التوقعات” التي تنهجها الشركات العالمية لرفع أسهمها الدولية.

ومع كل هذا “النضج” الذي أصبح لدى السلطات المغربية التي تراقب البلاغات الصادرة عن الشركات الدولية التي تنقب على البترول والغاز الطبيعي في العديد من مناطق المملكة، أثارت الشركة البريطانية – الإيرلندية “Europa Oil & Gas” بإعلانها مؤخرا عن إمكانية العثور على أكثر من ملياري برميل من المكافئ النفطي في ساحل إنزكان بضواحي أكادير، وهو أول إعلان “متفائل” بهذا الحجم من شركة أجنبية بشأن احتمالات وجود النفط في التراب المغربي.

وجاء هذا التوقع “الضخم” تزامنا مع إعلان الشركة المذكورة عن شروعها في استغلال ترخيص التنقيب عن النفط في المغرب الذي حصلت عليه في سنة 2019، وهو الترخيص الذي يهم مساحة بحرية بإنزكان بضواحي أكادير تُقدر بـ11,228 كيلومتر مربع.

منحى أسهم Europa Oil and Gas البريطانية الإيرلندية في بورصة لندن بعد الإعلان عن اكتشاف ملياري برميل نفط قرب أكادير
هذا التفاؤل المفرط للشركة البريطانية – الإيرلندية وبامكانية اكتشاف ملياري برميل نفط في ساحل أنزكان بضواحي مدينة أكادير، وصفه مصدر حكومي مطلع بـ”غير الدقيق”، والذي لا يدخل إلا في لعبة “التأثير على المساهمين في هذه الشركة” لرفع رأسمالها بعد الكثير من الخلافات بين الحاملين للأسهم Europa Oil and Gas ومع اقترب الجمع السنوي لأعضاء مجلس إدارتها.

وأشار نفس المصدر لـ”الصحيفة” أن ما أعلنت عنه الشركة قد لا يكون بهذه الصورة المتفائلة التي أرادت ترويجها عبر الإعلام الدولي، لوجود أسباب أخرى تضع ما تم نشره إعلاميا محط شكوك، خاصة أن سهم شركة “Europa Oil and Gas” المدرجة في بورصة لندن عرف تراجعا مستمرا منذ منتصف مارس الماضي في قيمته عند التداول.

ووفق مصادر متطابقة، فإن ما تم إعلانه من “احتمالات جيدة” بشأن وجود أكثر من ملياري برميل من النفط المكافئ في ساحل إنزكان لا يعدو حتى الآن أن يكون مجرد احتمالات للاستهلاك الإعلامي دون أي مؤشرات ملموسة مبنية على دراسات تقنية، مشيرة في هذا السياق، بأن Europa Oil and Gas تعرف مشاكل وخلافات داخلية، مما يُرجح أن تكون هذه الخطوة تهدف إلى تجاوز مشاكل الشركة وإنعاش أسهمها في البورصة.

موقع “الصحيفة” قام بتتبع سهم الشركة البريطانية- الإيرلندية “Europa Oil & Gas ومنحى أسهما طيلة الأيام التي تلت إعلانها عن اكتشاف ملياري برميل نفط في سواحل أنزكان ضواحي مدينة أكادير، كما قمنا بتتبع أسهم الشركة قبل هذا الإعلان، حيث تبيّن أن الشركة لم تحقق ما كانت تبصو إليه من ارتفاع واضح لسهمها في بورصة لندن، جراء بلاغها الذي كان في يوم الثلاثاء 3 غشت الجاري.

وبتتبع دقيق لسهم الشركة في بورصة لندن، يتبين أنه لم يَعرف أي ارتفاع كبير، لكنه مع ذلك كان ارتفع بشكل واضح قياسا بقيمة سهمها طيلة أسابيع، حيث بلغ سهم الشركة 1,35 جنيه استرليني في يوم الإعلان عن احتمالات النفط في المغرب، وهو بالمناسبة أعلى ارتفاع لأسهم الشركة منذ 18 ماي عندما بلغ 1,40 جنيه استرليني، بينما كان أكبر ارتفاع لأسهمها هذا العام في 18 مارس عندما بلغ السهم 2,00 جنيه استرليني.

ولضبط عدم التلاعب بالرأي العام المغربي في “لعبة التوقعات” التي دأبت الشركات البترولية إصدارها بخصوصها بلاغات “تجارية”، خرج المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ببلاغ أفاد فيه بأن ما أعلنت عنه الشركة المعنية يتعلق فقط “بموارد محتملة وليس باحتياطيات مؤكدة”، وهو ما يُشكل بمثابة نفي لما روجت له الشركة البريطانية.

إضافة إلى ما سبق ذكره، فإن المنطقة التي ستشرع الشركة البريطانية في التنقيب فيها، تعرف في محيطها وجود عدد من الشركات الأخرى التي تعمل في التنقيب على النفط، مثل شركة “Longreach Oil” الاسترالية، وشركة الطاقة الأمريكية “Kosmos” وشركات أخرى، لكن لم تقم أي شركة بتحديد أو تقدير حجم أو كمية النفط المتوقع استخراجه، في ظل عدم وجود مؤشرات ملموسة لحد الآن.

صورة تظهر شركات أخرى أجنبية تنقب في نفس المنطقة التي أعلنت فيها الشركة البريطانية الإيراندية اكتشاف ملياري برميل نفط. وحسب عدد من الدراسات الدولية، وتقارير لشركات أجنبية أخرى، اطلعت عليها “الصحيفة”، فإن عدد من المناطق الموجودة في الساحل المغربي الغربي، مثل أكادير والصويرة وإنزكان، توجد بها احتماليات لوجود نفط أو غاز طبيعي، لكن لازال الأمر يحتاج الكثير من الأبحاث والتنقيبات بعيدا عن التوقعات الكبيرة التي لا أساس لها إلى حدود الساعة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *