وثائق باندورا تكشف ثروات هائلة لزعماء عالميين!

كشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، الأحد، أن عددا من القادة، بينهم العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء التشيك، ورئيسا كينيا والإكوادور، أخفوا ملايين الدولارات عبر شركات خارجية (أوفشور) لا سيما لـ « أغراض التهرب الضريبي »، فيما ذكرت الوثائق اسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويستند التحقيق الذي أطلق عليه اسم « وثائق باندورا » وساهم فيه نحو 600 صحافي، إلى حوالى 11,9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية، وسلط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.

وقالت صحيفة واشنطن بوست، التي اشتركت في التحقيق إلى جانب عدد من المؤسسات الإعلامية العالمية، إن هناك مجموعة من الملفات السرية لتفاصيل « عالم مالي حيث تتمكن النخب العالمية من حماية الثروات من الضرائب والتحقيقات والمساءلة ».

وكشفت الوثائق، بحسب الصحيفة، أموالا لـ35 من قادة البلدان، الحاليين والسابقين، في الخارج، منها « أكثر من 106 ملايين دولار أنفقها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على منازل فاخرة في ماليبو، كاليفورنيا، واشنطن »، في الولايات المتحدة، ومواقع أخرى.

العاهل الأردني

ويقول التحقيق إنه « في حين تدفقت مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية إلى الأردن على مدى العقد الماضي، كانت الأموال تتدفق سرا في الاتجاه المعاكس حيث أنفق حاكم البلاد، الملك عبد الله الثاني، الملايين على المنازل الفخمة في الولايات المتحدة ».

وباستخدام شبكة واسعة من الحسابات الخارجية التي أخفت معاملاته، « اشترى عبد الله الثاني عقارات فخمة على كلا الساحلين بأموال لا يزال مصدرها غير واضحا »، وفقا لمجموعة الوثائق المالية التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وراجعتها صحيفة واشنطن بوست.

بين عامي 2014 و2017، « أنفقت الشركات المرتبطة بالعاهل الأردني ما يقرب من 70 مليون دولار على ثلاثة منازل مجاورة تطل على المحيط الهادئ في جنوب كاليفورنيا »، وفقا للملفات والوثائق الأخرى.

ويوجد في هذا المكان قصر على طراز البحر الأبيض المتوسط مساحته 14,000 قدم مربع يحتوي على سبع غرف نوم وتسعة حمامات، وتم تجهيزه بصالة ألعاب رياضية ومسرح ومنتجع في الهواء الطلق وحمام سباحة، ضمن ملكية حجمها أكثر من 2 فدان.

وجاء شراء هذه المنازل في أعقاب شراء أخرى شبيهة في واشنطن العاصمة، حيث تظهر الوثائق أن العاهل الأردني « أنفق ما يقرب من 10 ملايين دولار على وحدات سكنية فاخرة تطل على النهر في منطقة جورجتاون ».

يقول التحقيق إن العاهل الأردني « حصل على ما لا يقل عن ثلاثة مساكن بملايين الدولارات في لندن »، وفقا للملفات، وهي « عقارات كان يمتلكها بالفعل » لإنشاء مجمع سكني بالقرب من قصر باكنغهام. منها مسكنان في منطقة كنسينغتون ومنزل ريفي بالقرب من قلعة وندسور.

وبشكل عام، « أنفق الملك الأردني أكثر من 106 ملايين دولار على العقارات التي تملكها شركات وهمية مسجلة لديه وحدها وليس للعائلة المالكة أو المملكة الأردنية الهاشمية »، بحسب التحقيق.

وقالت الصحيفة إن الملك الأردني « قام بمعظم عمليات الاستحواذ هذه على مدى 10 سنوات اتسمت بتصاعد المصاعب الاقتصادية في الأردن، وتزايد الإحباط العام من الفساد المشتبه به المحيط بالملك، وتزايد عدم الاستقرار السياسي الذي بلغ ذروته هذا العام في مؤامرة انقلاب مفترضة أدت إلى اعتقال الأخ غير الشقيق للملك و18 آخرين في حملة كشفت عن انقسامات داخلية تهدد سيطرة الملك على السلطة ».

ونقلت تقرير صحيفة واشنطن بوست عن، بروس ريدل، المسؤول الكبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي آيه) والخبير في الشأن الأردني أن « هذا يأتي في وقت سيء ومحرج جدا بالنسبة للملك في أعقاب مؤامرة انقلاب مزعومة كشفت عن قلق عميق في الأردن من الفساد ». وأضاف أن « ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز هذه المخاوف ».

وفيما « قد لا يكون إنفاق عبد الله الثني غريبا بالمعايير الباهظة لملوك الشرق الأوسط »، بحسب الصحيفة، التي نقلت عن مسؤول أميركي قوله إنه « ربما يمكنك صب جميع مشتريات الملك في فترة ما بعد ظهر يوم واحد من فاتورة التسوق الخاصة بمحمد بن سلمان »، في إشارة إلى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي قيل إنه أنفق ذات مرة 450 مليون دولار على لوحة ليوناردو دافنشي التي عرضها على يخته.

ولكن، تضيف الصحيفة أنه « على عكس الممالك الغنية في الخليج الفارسي، فإن الأردن هو واحد من أفقر البلدان في الشرق الأوسط، فهي لا تملك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز أو أرضا صالحة للزراعة، كما تعاني من إمدادات مياه غير كافية، وميناء بحريا واحدا بعيدا جدا بحيث لا يمكن أن يكون له فائدة اقتصادية كبيرة ».

وبدلا من ذلك، يبقى الأردن معتمدا إلى حد كبير على مليارات الدولارات من المساعدات التي يتلقاها لدوره كمصدر للاستقرار في منطقة تعاني من الصراع، فضلا عن استعداده لقبول ملايين اللاجئين من الحروب المجاورة.

وتلقى الأردن 1.5 مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها في العام الماضي، مما يجعله ثالث أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية، بعد إسرائيل وأفغانستان.

وقال مسؤولون أمريركيون إن هذا التمويل يتم تعقبه باجتهاد ولم يروا أي دليل على أن أي أموال قد حولت عن الغرض المقصود منه.

وكان محاموا الملك عبد الله الثاني قد أوضحوا في رد على المعلومات، أن العاهل الأردني تملك العقارات من أمواله مالخاصة، ولا يوجد ما يثبت ساء التصرف، ولا يمكن تجيه اللوم له لأنه استخدام شركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات لها لشراء تلك العقارات.

بوتين

وتحوم الشبهات، بحسب التقرير، حول « سفيتلانا كريفونوجيك، التي كشف عن امتلاكها شقة في إمارة موناكو الثرية، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، في حين أن لا مؤشرات تشير إلى طريقة امتلاكها الثروة الكافية لشراء مثل هذه الشقة.

وتظهر السجلات المالية التي لم يتم الكشف عنها من قبل إلى جانب وثائق الضرائب المحلية أن كريفونوجيك، 46 عاما، أصبحت مالكة الشقة في موناكو من خلال شركة خارجية أنشأت بعد أسابيع فقط من إنجابها فتاة، وقد ولدت الطفلة في وقت كانت فيه، وفقا لتقرير وسائل الإعلام الروسية في العام الماضي، في علاقة سرية استمرت سنوات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفيما لا تشير الملفات إلى المكان الذي حصلت فيه المرأة على المال لدفع ثمن شقة كلفت 4.1 مليون دولار في عام 2003، لكن الصفقة تزامنت مع فترة يزعم فيها أن كريفونوجيك كانت على علاقة مع بوتين، وتمكنت فيها من جمع « محفظة مذهلة من الأصول المالية » في روسيا، وفقا لمنصة برويكت للتحقيقات الروسية، التي حظرت بعد نشرها تفاصيل عن تلك العلاقة.

ونفى متحدث باسم الكرملين هذا التقرير عندما نشر العام الماضي.

وكشف بنك روسيا في عام 2010 أن كريفونوجيك كانت واحدة من أكبر المساهمين من خلال شركتها OOO Relax. وتصف وزارة الخزانة الأميركية هذا البنك، المشمول بالعقوبات، بأنه « بنك شخصي لكبار مسؤولي الاتحاد الروسي ».

وتبلغ ابنتها، التي تحمل اسم، لويزا روزوفا، 18 عاما من العمر، ولم يتم إدراج اسم الأب في وثائقها الرسمية.

لم تتحدث كريفونوجيك عن علاقتها المزعومة مع بوتين أو تراكمها الملحوظ للثروة.

زعيما كينيا وتشيك

ويظهر التقرير أيضا ملايين الدولارات في ممتلكات ونقود يملكها سرا زعيما كينيا وجمهورية التشيك، ولم يرد الزعيمان التشيكي والكيني على طلب التعليق لمعدي التقرير، كما لم يرد كل من الكرملين أوالمرأة الروسية.

ويعتبر هذا التحقيق الأكبر منذ كشف عن تحقيقات أوراق بنما، لكنه يحتوي على وثائق أكبر بكثير من تلك التحقيقات التي قادتها محكمة العدل الدولية.

وتفصل الملفات أكثر من 000 29 حساب خارجي، أي أكثر من ضعف العدد المحدد في أوراق بنما، ومن بين أصحاب الحسابات أكثر من 130 شخصا أدرجتهم مجلة فوربس على قائمة المليارديرات وأكثر من 330 موظفا عاما فى أكثر من 90 دولة ومقاطعة، وهو ضعف العدد الذى وجدته وثائق بنما .

وأشعل الكشف عن أوراق بنما احتجاجات في بلدان عدة، وأدى إلى إخراج رئيسين من السلطة في وقتها.

وبحسب واشنطن بوست، فقد أظهرت الوثائق أن العقوبات الأميركية المفروضة على شخصيات روسية « قد أصابت أهدافها »، وألحقت هذه التدابير خسائر بأهدافها وتسببت في خسائر انتشرت عبر الشبكات المالية التي تشمل هؤلاء المطلعين على الكرملين.

وأظهرت الوثائق دورا لتاجر تحف فنية « سيء السمعة » اسمه دوغلاس لاتشفورد، قام مع عائلته بإنشاء صناديق ائتمان في « الملاذات الضريبية » وقد ربط من قبل محققين أميركيين بقطع أثرية منهوبة.

وأظهر كيف يتم استخدام صناديق الأوفشور (الملاذات الخارجية) لإخفاء المخالفات الضريبية والمالية.

وأظهرت الأوراق « أدلة جديدة جوهرية » على ظهور ملاذات ضريبية جديدة، على سبيل المثال « تنافس ولاية داكوتا الجنوبية الآن أماكن يسود الإبهام بشأن قوانينها في أوروبا ومنطقة البحر الكاريبي »، وأن هناك « عشرات الملايين من الدولارات من خارج الولايات المتحدة محمية الآن من قبل شركات ائتمانية فيها، وبعضها مرتبط بأشخاص وشركات متهمة بانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من المخالفات.

بنما

وكانت بنما عبرت عن خشيتها من أن يشملها التحقيق مرة أخرى، بحسب رسالة حكومية نقلتها وسائل الإعلام المحلية، السبت.

وقالت الحكومة البنمية في الرسالة التي أرسلتها إلى الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية عن طريق مكتب محاماة « قد تكون الأضرار غير قابلة للاصلاح ».

وتحذر الرسالة من أن « أي منشور » يعزز « التصور الخاطئ » للبلاد كملاذ ضريبي محتمل « سيكون له عواقب وخيمة على بنما وشعبها ».

وأشارت رسالة حكومة بنما إلى العديد من الإصلاحات التي نفذتها هذه الدولة الواقعة في أميركا الوسطى خلال السنوات الماضية والتي لا تزال مع ذلك مدرجة على قائمة الملاذات الضريبية في فرنسا والاتحاد الأوروبي.

واوردت أنه منذ 2016، تم تعليق تسجيل أكثر من 395 ألف شركة ومؤسسة، أي ما يعادل نصف تلك التي كانت موجودة حينها.

وتخشى الحكومة من أن تواجه بنما مرة أخرى فضيحة جديدة تتعلق بالملاذات المالية بعد تلك التي أثارها نشر تحقيق سابق أجراه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية في عام 2016 والمعروف باسم « وثائق بنما ».

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *