ولد الرشيد يطلق صفقة بنصف مليار لنقل المرضى بجهة العيون.. ووزير الصحة في قفص الاتهام!

هاشتاغ _ أكرم الدرفوفي

في خطوة لافتة تسلط الضوء على الواقع الصحي المتدهور بجهة العيون الساقية الحمراء، أطلق حمدي ولد الرشيد، رئيس الجهة، صفقة ضخمة بقيمة 6,206,000 درهم أي مايعادل نصف مليار درهم لتأمين نقل المرضى إلى المراكز الاستشفائية الوطنية، وذلك كحل إسعافي وسط أزمات صحية خانقة تواجهها الجهة، فيما يُوضع وزير الصحة والحماية الاجتماعية في قفص الاتهام بسبب غياب الحلول الجذرية.

وحسب وثائق حصل عليها موقع “هاشتاغ”، فإن هذه الصفقة الدولية المفتوحة التي تحمل الرقم 36/ج ع س ح/2024، تهدف إلى توفير خدمات نقل المرضى باستخدام سيارات الإسعاف والنقل الجوي.

وتشمل العمليات المحددة نقل المرضى عن طريق سيارات الإسعاف من العيون إلى مراكش والدار البيضاء، ونقل المرضى بالنقل الجوي من العيون إلى أكادير والدار البيضاء، ومن مطار محمد الخامس إلى المراكز الاستشفائية.

وتشير الوثيقة التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” إلى اشتراطات صارمة تتعلق بالموارد البشرية والمعدات المطلوبة، حيث على المستوى البشري، يجب أن يكون السائقون مؤهلين ولديهم خبرة مهنية لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال النقل الطبي، ويتمتعون بلياقة بدنية ونفسية مثبتة بشهادات طبية تُجدد سنويًا. كما يُشترط أن يلتزموا بارتداء زي موحد خلال ساعات العمل، وأن يكونوا مزودين بوسائل اتصال دائمة مثل الهواتف المحمولة.

أما على المستوى المادي، فتشترط الصفقة استخدام سيارات إسعاف مجهزة بالكامل بالمواصفات التالية: سيارات ذات محركات تعمل بالديزل وسعة أسطوانية تتجاوز 2400 سم³، ومقصورات صحية معزولة ومجهزة بحمالات بطول 1.8 متر وعرض 0.4 متر، وقوارير أكسجين بسعة 2 متر مكعب، بالإضافة إلى نظام إنارة داخلي وخارجي وخزانات لتخزين الأدوية والمعدات الطبية، علاوة على أن جميع تكاليف الصيانة والوقود والإصلاحات والتأمين تقع على عاتق الشركة التي ستفوز بالصفقة.

ويعكس هذا التحرك من رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، فشل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في النهوض بالقطاع الصحي بالجهة، حيث تعاني المنطقة من غياب مؤسسات صحية يمكنها تلبية احتياجات الساكنة، مما أجبر مجلس الجهة على اللجوء إلى حلول مؤقتة ومكلفة مثل هذه الصفقة.

كما أن التأخر في فتح أبواب المركز الاستشفائي الجامعي وتجهيز المؤسسات الصحية القائمة بالمعدات الطبية اللازمة وتوفير الموارد البشرية المؤهلة لعلاج المرضى ظلّا من أبرز التحديات التي لم تُفلح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في تجاوزها، حيث يواجه سكان جهة العيون الساقية الحمراء نقصًا حادًا في الأطباء المتخصصين، ما يجعل الاعتماد على نقل المرضى إلى مدن أخرى هو الخيار الوحيد المتاح، لكنه خيار مكلف ومهين في ظل تفاقم معاناة المرضى وأسرهم.

وتُثير الصفقة تساؤلات سياسية واجتماعية حول جدوى الاستثمارات في القطاع الصحي بالجهة. إذ كيف يمكن تبرير رصد ميزانيات ضخمة للنقل الطبي، بينما يتطلب الأمر توفير بنية تحتية محلية قوية تُغني السكان عن التنقل إلى مراكز استشفائية بعيدة.

ويرى مراقبون أن استمرار الاعتماد على النقل الطبي يُعدّ اعترافًا بفشل السياسات الصحية المتبعة في جهة العيون الساقية الحمراء، التي كان من المفترض أن تكون نموذجًا للتنمية المتوازنة، خصوصًا في ظل التوجهات الملكية نحو تعزيز السيادة الصحية، لاسيما في الأقاليم الجنوبية.

إن هذه الصفقة، رغم أهميتها الآنية، تعكس إشكالية أعمق تتعلق بغياب رؤية استراتيجية شاملة لتطوير القطاع الصحي بجهة العيون الساقية الحمراء. وفي ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة المركز الاستشفائي الجامعي الجديد على تغيير الواقع الصحي بالجهة، أم أنه سيكون مجرد إضافة رمزية لا تتعدى رفع الشعارات التنموية.