كشف عبد اللطيف وهبي وزير العدل تفاصيل مشروع قانون العقوبات البديلة الذي وضعته وزارته، والذي ينص على جملة من العقوبات غير السالبة للحرية، التي تقوم على الغرامات المالية التي تتراوح ما بين 100 و2000 درهم في اليوم، والسوار الإلكتروني والتأهيل النفسي.
وحسب ما جاء في جواب على سؤال كتابي لوزير العدل، فإنه قد تم إعداد مشروع قانون يتعلق بالعقوبات البديلة مستقل عن مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، وذلك لتجاوز مساوئ العقوبات السالبة للحرية وكذا للحد من اكتظاظ السجون.
وقد عرف المشروع العقوبات البديلة التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين حبسا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته وفق شروط محكمة تراعي من جهة بساطة الجريمة ومن جهة ثانية اشتراط موافقته، كما تم تحديد هذه العقوبات في العمل لأجل المنفعة العامة والعرامة اليومية والمراقبة الإلكترونية وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.
العمل لأجل المنفعة العامة
وبالنسبة للعمل لأجل المنفعة العامة، فأكد وهبي في جوابه أنها تعد إحدى أهم البدائل التي تبنتها السياسات العقابية المعاصرة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية خاصة القصيرة المدة، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ، الذي صدر منه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل.
ولقد اشترط المشروع في العمل بهذا البديل بلوع المحكوم عليه 15 سنة كأدنى حد من وقت ارتكابه للجريمة، وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنتين حبسا، كما اعتبر العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة عملا غير مؤدى عنه وينجز لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام لمدة تتراوح بين 40 و600 ساعة، كما خص المحكمة بتحديد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة.
وبالنسبة لعدد ساعات العمل الخاصة بهذا البديل العقابي، فتتحدد في ساعتين من العمل مقابل كل يوم من مدة العقوبة الحبسية، هذا ويلتزم المحكوم عليه بتنفيذ هذا العمل داخل أجل لا يتجاوز سنة واحدة من تاريخ صدور المقرر التنفيذي، ويمكن تمديد هذا الأجل لمدة مماثلة مرة واحدة بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات، بطلب من المحكوم عليه أو نائبه الشرعي إذا كان حدثا.
أما بالنسبة للأحداث فإن العمل لأجل المنفعة العامة لا يعمل به في حالة الأشخاص الذين هم دون سن 15. لكن في حالة ما إذا قررت المحكمة الحكم بعقوبة حبسية وفقا للمداة 482 من قانون المسطرة الجنائية يمكن للحدث أن يستبدلها بعقوبة العمل للأجل المنفعة العامة.
الغرامات اليومية… 100 و2000 درهم في اليوم
اعتبر المشروع الغرامة اليومية في الفقرة الأولى من المادة 9 عقوبة يمكن للمحكمة أن تحكم بها بدلا من العقوبة السالبة للحرية، وهي مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، والتي لا يتجاوز منطوقها في المقرر القضائي سنتين حبسا.
وتتوزع الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها تقدرها المحكمة حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتبكة بالضرر المترتب عنها، ويمكن للأحداث أيضا الاستفادة منها.
أما بالنسبة للأحداث فإن المشرع المغربي قد عمد على استثنائهم من هذا البديل، وذلك لعدة اعتبارات منها أن الأحداث لا يستطيعون دفع المبالغ المالية التي تقررها المحكمة، وبالتالي قد يتكلف بها أولياؤهم وهذا مخالف للقاعدة التي تقضي بأن الجريمة لا يتحمل تتبعاتها إلأ من اقترفها، كما أن المشروع شدد على إلزامية أداء المبلغ الذي حكمت به المحكمة وذلك في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ صدور المقرر التنفيذي.
ويمكن تمديد هذا الأجل لمدة مماثلة مرة واحدة، بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات، بناء على طلب المحكوم عليه إذا اقتضى الأمر ذلك.
المراقبة الإلكترونية
إن نظام المراقبة الإلكترونية يعد أحد أهم بدائل العقوبات السالبة للحرية، ومن شأنه تجنيب مساوئ العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدى، ويترتب عن هذا النظام إطلاق سراح السجين في الوسط الحر مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته في تنفيذها إلكترونيا عن بعد، ويتحقق ذلك فنيا عن طريق ارتداء المحكوم عليه قيدا إلكترونيا يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية التي يحددها له قاضي التحقيق.
تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية
اشترط المشروع للعمل بهذا البديل في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها سنتين حبسا، وعبر عنها المشروع في الفقرة الأولى من المادة 13 حيث نص على ذلك كالتالي: يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بديلا للعقوبات السالبة للحرية.
في حين نص على اختيار المحكوم عليه وتأكيد استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 13 للعقوبات التي يمكن للمحكمة أن تحكم بها إما بعقوبة واحدة أو أكثر وهي كالتالي:
مزوالة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا. ويهدف المشروع من هذا الإجراء إلى توجيه المحكوم عليه نحو التأهيل والتكوين على مستوى المهن والحرف التي تتلاءم وإمكانياته المعرفية إما بتقييده بمزاولة نشاط مهني معين أو تتبعه دراسة معينة أو تكوين معين
إقامة المحكوم عليه بمكان محدد والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من عدم ارتيادها في أوقات معينة، والغاية من هذا الإجراء هي وضع قيود على تحركات المحكوم عليه حسب الجريمة التي اقترفها ومدى خطورتها على المجتمع وإلزامه بعدم المغادرة كليا من مكان محدد أو بعدم مغادرته في أوقات محددة.
فرض رقابة يلزم بموجبها المحكوم عليه، من قبل قاضي تطبيق العقوبات، بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى المؤسسة السجنية وإما إلى مقر الشرطة أو الدرك الملكي أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة، مع خضوغ المحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان، زتعويض أو إصلاح المحكوم عليه للأضرار الناتجة عن الجريمة.
واتجه المشروع من جهة أخرى إلى وضع آليات محكمة لتنفيذها وتأكيد اختصاصات الجهات المتدخلة، لاسيما من خلال إسناد مسألة تنفيذها إلى قاضي تطبيق العقوبات من خلال منحه مجموعة من الصلاحيات تتمثل في السهر على تنفيذ العقوبات البديلة وإشعار النيابة العامة بكل إخلال في تنفيذها، وتمديد الأجل الذي يتعين فيه المحكوم عليه تنفيذ العقوبات البديلة، والأمر يتنفيذ العقوبة الأصلية أو ما تبقى منها أو في حالة الامتناع عن تنفيذ العقوبات البديلة أي الإخلال بها خلال مدة تنفيذها، زالنظر في التقارير المتلعقة بتنفيذ العقوبات البديلة التي تعرض عليه واتخاذ ما يراه مناسبا بشأنها، وترؤس أشغال اللجن المحلية المحدثة لمواكبة تنفيذ العقوبات البديلة.
هذا، ولضبط سلطة قاضي تطبيق العقوبات في هذا الإطار، تم إخضاعها لمبدأ المنازعة القضائية طبقا لمقتضيات المادتين 599 و600 من قانون المسطرة الجنائية وترتيب أثر موقف على سلوكها سواء من النيابة العامة أو الأطراف أو من له مصلحة في ذلك، زيادة على الحفاظ على مركز النيابة العامة أثناء تنفيذها.