يوميات متعاف من فيروس كورونا (الجزء الثالث)

عزيز وديع يكتب: قصة متعافي من فيروس كورونا (الجزء الثالث)

إتصل بي الطبيب ليخبرني نتائج التحاليل، أجبته وكان بيننا الحوار التالي:

-أنا: ألو دكتور أبو تمام

-الدكتور: وي سي عزيز، راهم خرجوا نتائج التحاليل ديالك ديال النهار التاسع والعاشر وراهم (مزيانين)!!

-أنا: الله يا دكتور أحسن خبر سمعتو الله يرحم ليك الوالدين

-الدكتور :على سلامتك، المهم، خود دوش وبدل حوايجك وجمع داكشي ديالك باش مع الرابعة إن شاء الله تمشي..

-أنا: لهلا يخطيك أدكتور، عافاك أدكتور واش نقول لخويا يجي يتلقى ليا مع الرابعة أو نتوما غادي تتكلفوا توصلوني بسيارة الإسعاف.

-الدكتور: وا لا أسي عزيز، راك ماغاديش تخرج تمشي لداركم، راه غادي تمشي لفندق زوييييين وترتاح واحد الأسبوع حتى إن شاء الله ماتبقى فيك حتى حاجة بالمرة عاد تمشي للدار!!

إختلطت عندي مرة ثانية مشاعر الفرح بالخوف، بما أن تحاليلي ظهرت سلبية وشفيت تماما، لماذا لا يتركونني أذهب إلى البيت؟ بعد ذلك سوف أعلم أنني لم أشفى مائة بالمائة وأن جسدي لا يزال يحمل آثار الفيروس، كل ما في الأمر أن حالتي الصحية لم تعد تحتاج إلى رعاية طبية خاصة، سوف يتركون مناعة جسدي تقوم بتنظيف جميع آثار هذا الفيروس،وهذا ما يستدعي مكوثي بفندق في غرفة منفردة.

بعض مما فاتني الإشارة إليه حين دخولي المستشفى،كما تعملون كنت أخفي عن أمي مرضي، لكن مسؤوليتي إتجاه الجميع جعلتني أقوم بتصوير فيديو من داخل غرفتي أوجه من خلاله رسالة توعية لأبناء وطني،ولكي لا يكتشف أحد شخصيتي مخافة وصول الخبر لوالدتي قمت بتصوير الفيديو وأنا متنكر ألبس طاقية على رأسي وأضع كمامة عن وجهي بالكامل تقريبا، لا تظهر إلا عيناي، كان فيديو من سبعة دقائق خلق ضجة وانتشر كالنار في الهشيم وتناقلته العديد من الصفحات، هذا الفيديو كان السبب في أن العديد من أصدقائي وعائلتي تعرفوا على نبرة صوتي، لتتقاطر على بيتنا الإتصالات والكل يستفسر من أمي التي لم تستوعب الأمر.

شاهدت أمي الفيديو لتتصل بي باكية:

-《ياك أوليدي ياك،نتا مريض وخازنها عليا نعرفها غير من عند الناس؟! راني كانصلي وكاندعي سيدي ربي أوليدي يشافيك ليا.

يا سيدي ربي غير على وجه هادوك لقطيطات لي عندو في الخدمة كايدي ليهم الماكلة كل نهار شوف من حال ولدي.

(أمي عندها شي دعاوي، السلاااااامة).

شيء آخر جد مهم لابد أن أشير إليه هو أنني كنت مدخنا شرها للسجائر أدخن علبة كاملة كل ليلة أثناء عملي، يوم تم استقدامي من العمل إلى المستشفى في منتصف الليل كانت لا تزال لدي أربعة عشر سجارة في العلبة. لم أدخن تلك الليلة بالمستشفى وصبرت حتى مرت أربع وعشرون ساعة، أحسست أن لدي رغبة شديدة في التدخين، وبما أن غرفتي بها كاميرا مراقبة على مدار الساعة، دخلت المرحاض ودخنت سجارة، اليومين الاولين دخنت فيهما تقريبا عشر سجائر، لتقع الكارثة (بالنسبة لي)وتتعطل الولاعة (لبريكة)، لاتزال لدي أربع سجائر، طلبت منهم أن يمدوني بولاعة ولكن كان الرفض القاطع: ممنوع التدخين إتصلت بمدير المشتشفى الذي بدوره أحالني على طبيب الإدمان، تكلمت معه وكان راقي في كلامه، وعدته إن مدني بولاعة، أنهي السجائر الأربع لدي وبعدها < باي باي التدخين> أعطيته وعد رجل لرجل، وقال لي بالحرف: لديك فرصة ذهبية للإنقطاع عن التدخين، أنت لوحدك الآن، إجلس مع نفسك وكلمها ولديك كل الوقت لتضع النقاط على الحروف وتسطر مسارا جديدا لحياتك. عندما أحظروا لي الولاعة أشعلت سجارة بعد يومين من الانقطاع عن التدخين، فجأة، قلت في نفسي: ألهذه الدرجة تملكني الإدمان؟ هل أنا من أدخن السجارة أم هي من تدخنني؟ ما كل هذا الغباء؟ كفاك عزيز، عد إلى جادة الصواب، وبدون شعور قمت إلى المرحاض ورميت الثلاث سجائر التي كانت لاتزال عندي وأنا أراها تغرق وسط المياه أحسست أني أغرقت أكثر من ستة وعشرين سنة من الإدمان، ابتسمت ابتسامة المنتصر وكانت العزيمة بداخلي تقولي لي: أنت البطل، لا شيء يستطيع التغلب عليك، كن قويا كما كنت دائما في مواجهة الصعاب.

وصلت الساعة الرابعة مساءا، كنت قد جمعت جميع أغراضي، لأول مرة منذ إحدى عشر يوما لم تطأ قدمي خارج عتبة غرفتي، خرجت لساحة المستشفى لأستقل سيارة الإسعاف متجها إلى الفندق من أجل بدء رحلة علاج أخرى لا أعلم عنها سوى أنني ذاهب لفندق خمسة نجوم والذي لم يسبق لي أن وطأت قدمي فندقا فخما وأنا في كامل لياقتي البدنية، وها أنذا ذاهب إليه بالمجان ولكن بجسد شبه معلول…

يتبع غدا إن شاء الله بعد الإفطار الجزء الرابع والأخير

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *