يوميات مشجع مغربي في مونديال روسيا -الحلقة 4-

موسكو – أحمد العناز

موسكو… ليلة من ليالي العمر القصير

انتهت الأربعة أيام المخصصة لسانت بطرسبرغ بسرعة كالحلم، وجاء وقت فراق مدينة القياصرة، كان علينا الاستيقاظ على الساعة الخامسة صباحا لنلحق بالطائرة التي ستقلنا لموسكو، وبعد طيران قصير كنا في عاصمة البلاشفة.

بعد قيلولة معتبرة، توجهت رفقة ثلة من الأصدقاء للساحة الحمراء إلى قلب المدينة النابض، لم تكن بعيدة عن الفندق الذي نقيم فيه سوى بخمس محطات مترو، وكانت فرصة لنراها ونتمتع بجماليتها، فمن المعروف أن محطات مترو موسكو هي الأجمل في العالم فهي عبارة عن متاحف حقيقية.

وصلنا للساحة الشهيرة وكان المرور إليها يمر عبر بوابات إلكترونية اجتزناها بسهولة، فالأمن حاضر في كل مكان، يراقب رجاله المرتادين بعيونهم الزرقاء الباردة دون أي مضايقات للضيوف، ويبدو أن هناك تعليمات لهم بالتساهل معهم، خلافا لما هو معروف عن الأمن الروسي من تشدد وقسوة.

كانت الساحة الكبيرة جدا مملوءة عن آخرها، خليط عجيب من كل الأجناس والقوميات وخصوصا من البلدان الذين تشارك فرقهم في كأس العالم، أكثرهم نشاطا الأرجنتينيون والبرازيليون والمصريون وطبعا الروس. المغاربة مساهمين بشكل لا بأس به في الأجواء الاحتفالية، لكن يبدو أن هزيمة منتخبهم الوطني أمام إيران قد قللت من حماسهم وإلا لكنت رأيت منهم العجب.

قضينا بضع ساعات وسط هذا الخليط العجيب، كانت السعادة تشع من أعين الجميع، غالبية المرتادين كانوا في حالة سكر محترم، والكل يفرح ويسعد في انسجام غريب، وضحكت ليلتها كما لم أضحك من قبل.

في اليوم الموالي كانت الحافلة التي وضعتها الشركة السياحية بباب الفندق، ركبنا تحت إشراف دليلة سياحية عجوز ومريضة، وأمرتنا بالصمت لتستطيع أن تلقي عرضها السياحي، استجبنا لها كتلاميذ المدارس، وبدأت تتحدث عن تاريخ روسيا، تشرح وتورينا المعالم السياحية المشهورة إلى أن وصلنا مرة أخرى للساحة الحمراء، أعطتنا خمسة وأربعون دقيقة للعودة إلى الحافلة، لكنني وصديقين لي قررنا ألا نغادر الساحة الحمراء.

هذه الساحة هي الأكثر شهرة في قلب العاصمة الروسية موسكو وتعد ميدان العاصمة ومركزها، وهي على شكل مربع وفي جوانبها يقع الكرملين ومتحف الدولة التاريخي، إضافة لمراكز الحكومة والتجارة والتاريخ والدين، ويقع في المربع أيضا ضريح العديد من الثوار ومفكري الدولة الروسية وعلى رأسهم مؤسس الاتحاد السوفياتي فيلادمير إيليتش لينين.

يعود سبب تسمية الساحة الحمراء بهذا الاسم إلى القيصر إيفيان الرابع، فبعد مقتل زوجته قام بمذبحة كبيرة أدت لقتل الكثير من الناس لدرجة أصبح لون الساحة بلون الدم الأحمر.

كانت الساحة منذ القدم مكانا لتجمع الحشود الكبيرة من الشعب للاستماع إلى إعلانات الحكومة وخطابات القياصرة وزعماء الاتحاد السوفياتي، وكانت تقام فيها الاحتفالات خلال الأعياد الدينية والوطنية، وهي كذلك مصدر فخر للجيش الروسي لكونها مسرحا لعروضه منذ أوائل القرن العشرين.

لا يمكن في يوم واحد أن تزور كل متاحف الساحة، ولكن قررت أنه يجب ألا تفوتني زيارة ضريح لينين، أحد أهم الشخصيات التاريخية في روسيا والذي يتواجد جسده المحنط بضريح في قلبها، وإن بقي وقت سأزور كاتدرائية سان باسيل التي تعد رمزا من رموز الفن المعماري في روسيا بقبابها وأقواسها وأبراجها الملونة التاريخية الرائعة.

 

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *