آسا الزاك.. الإقليم الذي هزأ من خطاب جلالة الملك! عامل خارج الزمن وعدالة مجالية مدفونة في الرمال

هاشتاغ _ الرباط

من يستمع إلى خطاب العرش لسنة 2025، الذي تحدث فيه الملك محمد السادس عن “المغرب بسرعتين” وضرورة تحقيق العدالة المجالية والإنصاف الترابي، يدرك أن الرسالة كانت موجهة بدقة إلى مناطق مثل إقليم آسا الزاك، الذي لا يزال يعيش خارج منطق الدولة الحديثة، وكأنه متجمد في زمن ما قبل دستور 2011.

فبينما تمضي جهات المغرب في ركب التنمية والبنية التحتية والتحول الاقتصادي، يظل إقليم آسا الزاك متأخراً بعقود، يعيش على إيقاع إدارة قديمة تدار بعقلية الأوامر، لا بالتخطيط، وبمنطق الولاءات، لا بالكفاءة.

عامل الإقليم – الذي يُفترض أنه ممثل جلالة الملك ورافعة التنمية – يبدو كما لو أنه يعيش في “جمهورية إدارية مستقلة”، لا يسمع الخطابات الملكية، ولا يقرأ تقارير النموذج التنموي الجديد، ولا يعنيه سوى الحفاظ على رتابة إدارية تخنق الأمل وتقتل المبادرة.

في خطاب العرش لسنة 2025، قال الملك بوضوح: “لا يمكن أن يسير المغرب بسرعتين: مغرب الجهات الصاعدة ومغرب الجهات المنسية. العدالة المجالية ليست ترفاً سياسياً، بل أساس الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.”

لكن الواقع في آسا الزاك يكذّب هذه الرؤية الملكية. فالإقليم يغرق في الفقر الإداري والاقتصادي، لا مشاريع مهيكلة، لا استثمارات، لا رؤية. البنيات التحتية مهترئة، والموارد البشرية منهكة، والمجتمع المدني مُحاصر بين التهميش والتجاهل.

وفي خطابه أمام البرلمان خلال افتتاح السنة التشريعية في أكتوبر 2025، شدّد جلالته على أن “إنصاف المناطق الجبلية والهامشية ضرورة وطنية، لأنها تمثل عمق المغرب الحقيقي”. ومع ذلك، لا يبدو أن العامل استوعب هذا التوجيه، إذ ما زال إقليم أسا الزاك يسير بعقلية “العهد البائد”، حيث التنمية مؤجلة إلى إشعار آخر، والسلطة تُمارس كامتياز لا كمسؤولية.

من يتجول في آسا الزاك يشعر أنه في إقليم الظلام والكلاب كما يسميه السكان، ليس فقط بسبب الفقر أو الإهمال، ولكن لأن الزمن السياسي متوقف. الناس فقدوا الثقة في الإدارة الترابية، والمقاولون هاجروا خوفاً من البيروقراطية، والمجالس المنتخبة أصبحت ديكوراً بلا تأثير.

هذا الوضع لا يسيء فقط إلى صورة مؤسسات الدولة، بل يُفرغ الخطابات الملكية السامية من مضمونها العملي.

فحين يوجّه جلالة الملك دعوته إلى العدالة المجالية وتكافؤ الفرص، ثم تبقى أقاليم بأكملها عالقة في الظلام، فإن السؤال يصبح سياسيًا بامتياز: من يحاسب هؤلاء المسؤولين الترابيين الذين يتجاهلون التوجيهات الملكية السامية الصريحة؟

إن إقليم آسا الزاك اليوم لا يحتاج إلى مزيد من الشعارات، بل إلى زلزال إداري حقيقي، يعيد الأمور إلى نصابها، ويضع حدًا لعقلية “السلطة المتعالية على التنمية”. لأن استمرار هذا الواقع يعني ببساطة أن المغرب ما زال يسير بسرعتين.. مغرب جلالة الملك الذي يريد العدالة، ومغرب العامل الذي يعيش في الماضي.