أخنوش في باكو.. ثلاث دقائق لدهس الدستور

بقلم: عبد القادر حبيب الله

عندما يعتلي رئيس حكومة دولة عريقة كالمغرب منصة دولية، يُفترض أن يكون صوت أمته، رمز سيادتها وحامي هويتها. لكن عزيز أخنوش، في خطوة تعكس قمة الاستخفاف بالشعب المغربي والدستور، اختار الحديث بالفرنسية في مؤتمر المناخ COP 29 بأذربيجان، متجاهلًا العربية والأمازيغية، اللغتين الرسميتين للدولة. ليس هذا مجرد اختيار عابر، بل هو تصرف يفضح عقيدة سياسية ترى في الانتماء الثقافي الوطني عبئًا وفي التبعية للخارج فضيلة.

أخنوش، لم يكن في باريس أو كيبك ليبرر الحديث بالفرنسية، بل كان في باكو، حيث وقف قادة العالم يتحدثون بلغاتهم الوطنية دون تردد ودون عقدة نقص، وبوطنية كاملة غير منقوصة. ومع ذلك، لم يجد رئيس حكومتنا أي حرج في التخلي عن لغات بلده، مُلقيًا كلمة قصيرة بلغة أجنبية، وكأن المغرب لا يملك صوتًا خاصًا به، ولا يملك لسانا فصيحا يعبر عن حضارة عمرت قرونا طويلة. هذا السلوك ليس فقط مهينًا، بل هو تحدٍ سافر للدستور الذي يُلزم الدولة بحماية وتطوير اللغتين الرسميتين.

ما قام به أخنوش هو خيانة علنية لمسؤولياته. إذا كان الرجل الثاني في الدولة لا يجرؤ على الحديث بالعربية أو الأمازيغية، فماذا تبقى من مصداقية مؤسساتنا؟ كيف يُمكن الوثوق برئيس حكومة يعجز عن قراءة نص موجز بلغته الأم؟ بل كيف يمكن أن يُمثل إرادة شعب وهو يتبنى لغة ليست لغته؟

الملك محمد السادس، في المحافل الدولية، ألقى خطبًا بالعربية بفخر، واعتزاز مؤكدًا أن المغرب يقف على أرض صلبة بهويته. لكن أخنوش، الذي يفترض أن يسير على هذا النهج، اختار أن يُظهر وجهًا آخر: وجه التبعية، وجه من لا يرى في لغات بلده سوى عائق يجب تجاوزه.

هذا ليس مجرد عجز لغوي، بل هو فضيحة سياسية تمس كرامة المغاربة. نحن أمام رئيس حكومة يثبت مرارًا أنه غير مؤهل لتمثيل بلد بحجم المغرب، بلد له لغته وهويته وتاريخه. تصرف أخنوش في باكو، وقبله ارتباكه المهين في الرياض أثناء قراءة خطاب ملكي بالعربية، يثبت أن وجوده على رأس الحكومة المغربية، هو قوس يجب أن يقفل.

هذا السلوك يكشف جوهر أزمة النخبة السياسية في المغرب. نخبة تفتقر للوعي السيادي، وتعيش عقدة نقص أمام الغرب. نخبة ترى في الفرنسية رمزًا للتفوق وفي العربية عبئًا ثقيلًا. لكن الشعب المغربي، بدستوره وهويته، أكبر من أن تُداس كرامته بهذه الطريقة.

ما فعله أخنوش هو جريمة سياسية لا يجب أن تمر دون محاسبة. الدستور ليس ورقة تُقرأ في المناسبات الوطنية، بل هو عقد مقدس يُلزم الجميع، وأولهم رئيس الحكومة. التهاون في احترامه يعني التهاون في كل ما تمثله الدولة من سيادة واستقلالية. المغاربة يستحقون قادة يعتزون بلغاتهم، لا شخصيات تهرب إلى لغة أجنبية كلما ارتعشت ألسنتهم.