عزيز أخنوش.. مالك البر والبحر والسماء وجامع السٌلط

بقلم: مصطفى الفن

يجمع السيد عزيز أخنوش بين سلطات كثيرة منها ما ظهر ومنها ما بطن في ظرفية صعبة أصبح فيها المغاربة مهددين بالجوع وبشظف العيش وبغلاء المعيشة..
السيد أخنوش يجمع اليوم بين سلطة السلطة وبين سلطة المال وبين سلطة الفايسبوك ومعها ربما كل مواقع التواصل الاجتماعي وبين سلطة الصحافة أيضا..
برلماني الأصالة والمعاصرة هشام المهاجري اختصر هذا الوضع “الشاذ” في مقولة خالدة من داخل قبة البرلمان:
“السيد عزيز أخنوش هو اليوم مالك البر والبحر والسماء”..
لكن تبقى أخطر سلطة بيد السيد أخنوش هي سلطة الصحافة..
لماذا؟
لأن احتكار الكلمة هو أخطر أنواع الاحتكار وهو أخطر حتى من احتكار الأوكسيجين ومن احتكار “المازوط” ومن احتكار “الكيروزين” ومن احتكار “الفيول”..
أقول هذا ولو أن الصحافة هي في الأصل ليست سلطة رابعة ولا خامسة.
الصحافة كانت وستظل دائما سلطة مضادة لما عداها من السلط حتى لا تتغول هذه السلط الثلاث:
السلطة القضائية، السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
وربما لهذا السبب بالتحديد فإن عدد الصحافيين في العالم هو عدد قليل جدا جدا حتى وإن بدوا كثيرين..
وليس سرا أن السيد أخنوش يكاد يصبح اليوم المشغل رقم واحد والناشر رقم والآمر بالصرف رقم واحد في عالم الصحافة والنشر وفي قطاعات أخرى لها أول ولا آخر لها..
وهذا الجمع بين كل هذه السلط المتعددة في شخص السيد أخنوش لا يخلو من أخطار محتملة قد تهدد بنية النسق مع مرور الوقت ومع تعاقب الليل والنهار..
وفعلا فما معنى أن نجد أنفسنا ننقل أي شيء على لسان السيد أخنوش ونصدقه فيما يقول حتى أننا كدنا أن نصدق أن ما تحقق في عهد حكومته لم يتحقق طيلة 30 سنة مع حكومات أخرى؟..
كما أننا كدنا أن نصدق أيضا أن سبب الغلاء في المغرب هو البرد وهو الأمطار..
فيما الحقيقة أن سبب الغلاء هو “حكومة البرد” نفسها، بتعبير السي. عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان..
حصل هذا حتى أصبحنا نتمنى الجفاف ونتمنى القحط ونتمنى ألا تسقط الأمطار لعل الأسعار تنخفض في بلد يشكو من ندرة المياه ومن قلة الأمطار ومن الجفاف..
وحتى عندما قال السيد أخنوش في وقت سابق إن الحكومة الحالية حققت في سنة واحدة ما لم يتحقق في عشر سنوات كاملة، فإننا لم ننتفض ضد هذا الاستبلاد وإنما صفقنا له كثيرا..
وهذا الكلام الذي صدر عن السيد أخنوش هو كلام في منتهى الخطورة لأنه يوحي كما لو أن بلادنا فيها مؤسسة واحدة هي مؤسسة رئاسة الحكومة وفيها شخص واحد هو عزيز اخنوش والباقي لا يهم..
كما أن مثل هذا الكلام يوحي أيضا كما لو أن بلدنا بدأ من الصفر ولم يبدأ تاريخه إلا مع مجيء السيد اخنوش ومع هذه الحكومة التي يترأسها هو شخصيا..
وكلنا يتذكر كيف حاول البعض بالأمس القريب أن يرسم للسيد أخنوش شخصية أخرى غير شخصيته الحقيقة كتاجر يبيع للمغاربة كل شيء..
وفعلا فقد زعم البعض بأن السيد أخنوش صاحب نسب شريف وجاء ببرامج غير مسبوقة وبأفكار عميقة وبرؤية شاملة ستحل “تقريبا” كل مشاكل المغرب..
بل هناك من ذهب أبعد من ذلك ولمح إلى أن رفع شعار “ارحل” في وجه السيد أخنوش هو خيانة عظمى وهو خروج عن الملة وهو كفر بواح يستدعي الاستتابة..
أكثر من هذا، لقد تحولت هذه الإشاعات المضللة، في وقت ما، إلى ما يشبه “الحقيقة” لدى أجزاء كثيرة من إعلامنا وحتى لدى جزء من الإعلام الرسمي للبلد أيضا..
بل إن فئات واسعة من المغاربة، وتحت هذا القصف المربوط بمحطات “البنزين” إفريقيا، حصل عندهم ما يشبه “الاقتناع” بأن حكومة السيد أخنوش ستنقل، لا محالة، البلد من وضعه الاقتصادي الحالي إلى وضع اقتصادي آخر أحسن بكثير مما كان من قبل وربما قد نصبح معه جزءا من أوربا..
وهذه كلها أوهام وأحلام في اليقظة بعضها فوق بعض ليس إلا..
لماذا؟
لأن المغرب أكبر من أن ينتظر أي شخص لكي ينجز تنميته أو يحقق انتقاله في هذا المجال أو ذاك..
شخصيا أتمنى من حكومة السيد أخنوش أن تفعل شيئا واحدا لا ثاني له وهو أن تحافظ على مستوى عيش المغاربة الذي كان في عهد الحكومات السابقة خلال هذه ال25 سنة التي مضت..
وهذا سيحسب لها لأن الحفاظ على مستوى العيش في عهد الحكومات السابقة هو في حد ذاته إنجاز كبير وكاف ويستحق التقدير..
أما إذا نقل السيد أخنوش المغرب من حال إلى حال وحقق كل هذه الوعود الكبيرة وكل هذه الإصلاحات الثورية التي بشر بها في خطابه الانتخابي، فإننا لن نقول لسعادته “برافو” فقط.
بل سنقول له:
“عاش أخنوش..”.
وفي المغرب نحن لا نقول “عاش فلان” أو “عاش علان..”، وإنما نقول “عاش الملك..”.
بقي فقط أن أقول: إن أخطر أنواع البيع هو بيع الوهم.
لماذا؟
بكل بساطة لأننا لا نملك سلم “ريشتر” لنقيس به منسوب “الإحباط” ومنسوب “رد الفعل” الغاضب الذي قد يصدر عن كل المغاربة الذين صدقوا هذه الأوهام وهذه الوعود التي أمطرهم بها السيد أخنوش في حملاته الانتخابية وفي برنامجه الحكومي أيضا..