أخنوش يشكر نفسه.. خطاب التمجيد الذاتي يفضح الانفصال عن الواقع!

هاشتاغ _ عبد القادر حبيب الله

عندما يتحول اجتماع سياسي إلى منصة لتقديم الشكر للنفس، فإننا أمام نموذج صارخ لسياسة منفصلة عن هموم الشعب وتحدياته. عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار يوم الاثنين 9 دجنبر الجاري، قدم صورة بائسة لقيادة سياسية تهنئ نفسها وسط أزمات خانقة، بينما المواطن المغربي يعاني من التدهور الاقتصادي، وغلاء المعيشة، وتراجع الخدمات الاجتماعية.

كيف لرئيس حكومة أن يقف متباهياً بنجاحات وهمية بينما حكومته عاجزة عن تحقيق أبسط تطلعات المغاربة؟ قانون المالية لسنة 2025، الذي حاول أخنوش تصويره كإنجاز تاريخي، ليس سوى وثيقة تفتقر إلى رؤية إصلاحية حقيقية. لقد وُصِفَ هذا القانون من قِبل المعارضة بـ”الكسول” و”الفاقد للحس السياسي”، وهو توصيف دقيق لحكومة تبدو وكأنها تعيش في عالم موازٍ، حيث يُعتبر التجميل الخطابي بديلاً عن السياسات الجريئة والقرارات المصيرية.

خطاب التمجيد الذاتي الذي اختاره أخنوش في اجتماع حزبه يكشف انفصاله التام عن الواقع. كيف يمكن لحكومة تزعم الدفاع عن الدولة الاجتماعية أن تغض الطرف عن معاناة الطبقة الوسطى التي تتهاوى يومًا بعد يوم؟ هل أصبح الفقر المتزايد، والبطالة المرتفعة، والفوارق الاجتماعية العميقة، هي الإنجازات التي يتفاخر بها رئيس الحكومة؟

الحكومة الحالية تحولت إلى ماكينة دعائية، تكتفي بترديد شعارات جوفاء تخفي وراءها فشلها الواضح في مواجهة التحديات الكبرى. أخنوش وحكومته اختاروا الهروب إلى الأمام، متجاهلين الانتقادات الجادة التي تواجههم من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، مكتفين بلغة إنشائية تُظهرهم كمنجزين، في حين أن الواقع يكشف صورة مغايرة تماماً.

إن استمرار رئيس الحكومة وحزبه في التهليل لأنفسهم، وكأن البلاد تعيش في رخاء لا مثيل له، يعكس إهانة واضحة لذكاء المواطن المغربي. هذا المواطن الذي يرى يومياً إخفاقات الحكومة في تحسين حياته وتلبية احتياجاته الأساسية، لم يعد يثق في الخطابات الرنانة التي تتجاهل معاناته.

المشهد لم يعد يقتصر على العبث السياسي، بل تجاوز ذلك إلى أزمة عميقة في مفهوم المسؤولية. بدلاً من مواجهة الانتقادات والعمل على إصلاحات جوهرية، اختار أخنوش سياسة الهروب، مدعياً إنجازات لا أثر لها على أرض الواقع. إن المغاربة لا يحتاجون إلى خطابات التمجيد الذاتي، بل إلى حكومة شجاعة تعيد لهم الثقة في مؤسساتهم.

سياسة “شكراً لي” التي تبناها أخنوش هي قناع هش لقيادة فقدت بوصلتها. إذا كان كل ما يستطيع رئيس الحكومة تقديمه هو التصفيق لنفسه، فإن المغاربة يستحقون حكومة تفهم أن السياسة ليست منصة للتفاخر الذاتي، بل ميدان للعمل الجاد والتغيير الحقيقي. وأخنوش، بهذا النهج، يثبت أنه أبعد ما يكون عن هذه المسؤولية.