أزمة اللحوم الحمراء في المغرب.. أين يذهب الدعم ومن يدفع الثمن؟

هاشتاغ _ الرباط

شهدت الأسواق المغربية في السنوات الأخيرة أزمة حادة في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات غير مسبوقة، رغم الجهود التي تبذلها وزارة الفلاحة لمعالجة هذا الوضع.

بلحاج بناصر، عضو الغرفة الفلاحية لجهة فاس مكناس وكساب متخصص في سلالة تمحضيت بإقليم الحاجب وعضو الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، سلط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي.

بحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزير الفلاحة السابق، بلغ عدد رؤوس الأغنام والماعز في المغرب حوالي 26 مليون رأس، موزعة بين 20.2 مليون رأس من الأغنام و5.4 مليون رأس من الماعز. ورغم هذه الأرقام، أشار بلحاج إلى انخفاض بنسبة 2% في أعداد القطيع مقارنة بسنة 2023، وهو تراجع طفيف إلا أنه يطرح تساؤلات حول الاستدامة المستقبلية لهذا القطاع.

ورغم استيراد ما يقارب 100 ألف رأس من الأغنام و160 ألف رأس من الأبقار لتخفيف الأزمة، يرى بلحاج أن النقص الحاد في أعداد الأبقار، وليس الأغنام أو الماعز، هو السبب الرئيسي وراء استمرار ارتفاع الأسعار. معتبرا أن السياسات الزراعية المتبعة منذ تسعينيات القرن الماضي، والتي ركزت على تربية الأبقار، لم تحقق نتائجها المرجوة.

هذا إلى جانب تضارب الأرقام حول أعداد الأبقار المتوفرة في المغرب، حيث تشير بعض التقارير إلى وجود 3 ملايين رأس، بينما تؤكد تقارير أخرى أن العدد لا يتجاوز 1.4 مليون رأس، مما يعكس غياب الوضوح في التخطيط الزراعي.

وأوضح بلحاج أن أسعار الأبقار تضاعفت أربع مرات مقارنة بالسنوات الماضية، ما يشير إلى فجوة واضحة بين العرض والطلب.

وأكد أن دعم وزارة الفلاحة للكسابة، خاصة فيما يتعلق بتوفير الأعلاف للأغنام والأبقار المنتجة للحليب، ساهم جزئيًا في تخفيف التكاليف، لكنه لم يكن كافيًا لتحقيق استقرار في السوق. مضيفا أن توجيه إنتاج الحليب للمصانع الكبرى قلل الضغط بشكل محدود لكنه لم ينعكس إيجابًا على أسعار اللحوم الحمراء.

تغيرات المناخ، رغم تأثيرها على الماشية، لم تصل إلى مستوى يجعلها العامل الأساسي وراء غياب اللحوم الحمراء من الأسواق. ومع ذلك، لفت بلحاج الانتباه إلى دور الوسطاء والدخلاء في السوق، الذين يستغلون المناسبات الكبرى، مثل عيد الأضحى، لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.

وانتقد بلحاج أيضًا عدم وصول الدعم المخصص من وزارة الفلاحة إلى الفلاحين والكسابة بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن التجار المستوردين للحوم من الخارج هم المستفيدون الرئيسيون من هذا الدعم. واعتبر أن هذا الواقع يزيد من تعقيد الأزمة ويحول دون تحقيق التوازن المنشود في السوق الوطنية.

ودعا بلحاج إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الزراعية المتبعة، مع التركيز على دعم تربية الأبقار المحلية وضمان وصول الدعم إلى الفلاحين والكسابة مباشرة.

كما شدد على أهمية التصدي للاحتكار والممارسات غير المسؤولة التي تضر بالسوق الوطنية، مؤكدًا أن الحلول المستدامة تتطلب نهجًا شاملاً يعيد التوازن بين العرض والطلب ويعزز الأمن الغذائي في المغرب.