يواجه مرضى السل في المغرب أزمة غير مسبوقة، مع تسجيل نقص حاد في الأدوية الأساسية التي تشكل طوق النجاة الوحيد لهم. فقد كشفت تقارير ميدانية عن تقليص الجرعات العلاجية المقدمة للمرضى من شهر كامل إلى أسبوع واحد فقط، في خطوة تثير مخاوف جدية بشأن تفاقم الوضع الصحي وانتشار المرض بشكل أكثر خطورة.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن المغرب يسجل سنويًا نحو 35 ألف إصابة بالسل، أي بمعدل 93 حالة لكل 100 ألف نسمة، وهو رقم يضع المرض في صدارة التحديات الصحية التي تتطلب تحركًا عاجلًا من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية. إلا أن النقص الحالي في الأدوية يهدد جهود السيطرة على المرض، خاصة أن عدم استكمال الجرعات بالشكل المطلوب يزيد من احتمالية ظهور سلالات مقاومة للعلاج، ما قد يعقّد الوضع الصحي أكثر.
ووسط تصاعد القلق الشعبي والطبي، دخل البرلمان على الخط، حيث وجه إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة، طالب فيه بالكشف عن الإجراءات المتخذة لضمان توافر أدوية السل دون انقطاع، إضافة إلى استراتيجية الوزارة لتأمين سلاسل التوريد ومنع تكرار مثل هذه الأزمات التي تهدد الصحة العامة.
ويحذر المختصون من أن أي تأخير في توفير الأدوية أو تقليص الجرعات العلاجية قد يؤدي إلى كارثة صحية، حيث يعد السل من الأمراض المعدية التي تنتقل عبر الهواء، ما يعني أن النقص الحاصل قد يؤدي إلى زيادة حالات العدوى وانتشار المرض بشكل غير مسبوق.
كما أن اضطراب إمدادات العلاج قد يتسبب في ارتفاع أعداد الإصابات بـالسل المقاوم للعقاقير، وهو النوع الأكثر خطورة وصعوبة في العلاج، ويتطلب بروتوكولات طبية مكلفة ومعقدة، مما قد يشكل عبئًا إضافيًا على المنظومة الصحية.
ورغم وجود برنامج وطني لمحاربة السل، إلا أن النقص الحالي في الأدوية يكشف عن اختلالات كبيرة في تدبير المخزون الدوائي، ما يستدعي إصلاحًا جذريًا لآليات التخزين والتوزيع لضمان عدم تكرار الأزمة مستقبلاً.