بقلم اشرف اولاد الفقيه
يشكل جيل Y في المغرب، الذي ينتمي إليه جزء واسع من الشباب المثقف والفاعل، امتدادا طبيعيا لأبناء المدرسة الاتحادية التي كانت، لعقود، مصنعا للأفكار ومشتلا للنخب الوطنية. هذا الجيل تشبع بقيم الحداثة والتقدّم والعدالة الاجتماعية، غير أنه وجد نفسه أمام واقع سياسي معقد، عنوانه العريض تهميش الكفاءات وصعود المال الانتخابي.
لقد تعرض أبناء هذه المدرسة، وفي مقدمتهم شخصيات من طينة رضا الشامي وحسناء أبو زيد ومحمد الكحص وعمر بلافريج، لما يمكن وصفه بـ”المؤامرة الناعمة” التي همشت الأطر الفكرية لصالح منطق الولاء والمصلحة. فبعد أن كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مدرسة في التكوين السياسي والفكري، أُغرِق الحزب تدريجيا بـ”أصحاب الشكارة” الذين اختزلوا النضال في المقاعد والمناصب.
رضا الشامي، الذي راكم تجربة اقتصادية وسياسية وازنة داخل الحزب وخارجه، وجد نفسه خارج دائرة القرار التنظيمي.
أما حسناء أبو زيد، التي مثلت صوتا نسائيا صحراويا جريئا مدافعا عن القيم الاتحادية الأصيلة، فقد أُبعدت قسرا عن المشهد الحزبي.
محمد الكحص، أحد أبرز الوجوه الاتحادية الشابة في تسعينيات القرن الماضي، انسحب في صمت بعدما غابت الأرضية الفكرية التي جمعتهم ذات يوم.
في حين حاول عمر بلافريج، من موقعه داخل اليسار الموحّد، أن يجد لنفسه موطئ قدم بعد أن تشبع بقيم الحداثة والديمقراطية داخل الاتحاد الاشتراكي، وأن يعيد النقاش إلى جوهره الفكري والأخلاقي، لكنه اصطدم هو الآخر بجدار الواقع الحزبي المأزوم.
ورغم هذا التراجع، ما تزال فئات واسعة من المجتمع المغربي تنظر إلى هؤلاء كرموز لمرحلة ذهبية من السياسة، حين كان الخطاب الاتحادي يُحرّك الضمائر ويُعبّر بصدق عن نبض الشارع.
إنهم جيل ضائع بين المؤامرة والتهميش من جهة، والحنين إلى السياسة النظيفة من جهة أخرى.
ويبقى السؤال المفتوح اليوم:
هل يمكن أن يستعيد هذا الجيل مكانته داخل المشهد السياسي المغربي ويُعيد الاعتبار للفكر الاتحادي الأصيل؟
أم أن صوت المال سيستمر في طمس ما تبقّى من إرث المدرسة الاتحادية؟