هاشتاغ
في وقتٍ عرفت فيه شوارع وساحات مدن مغربية كبرى موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة نهاية الأسبوع، التزمت الحكومة المغربية، برئاسة عزيز أخنوش، ومعها الناطق الرسمي باسمها، صمتاً كاملاً تجاه الأحداث، دون أي توضيح رسمي أو تعليق على تطورات الميدان.
هذا الموقف دفع مراقبين إلى اعتبار أن السلطة التنفيذية تتعامل مع هذه الاحتجاجات وكأنها وقعت خارج التراب الوطني أو لا تعنيها مطالب الشباب المحتج.
وعلى الرغم من أن مكونات الأغلبية الحكومية، المتمثلة في أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، لم تصدر بدورها أي مواقف علنية، شهدت مدن كالدار البيضاء وأكادير وطنجة وتطوان وقفات واحتجاجات دعت إليها منصة “GenZ212” الرقمية، رفعت خلالها شعارات اجتماعية مثل “الصحة أولاً.. مبغيناش كأس العالم” و”الشعب يريد إسقاط الفساد”.
في الدار البيضاء، تحولت الوقفات في منطقة مرس السلطان وساحة السراغنة إلى مشاهد وصفت بـ”الحاشدة”، قبل أن تتدخل قوات الأمن لتفريق المحتجين وتعتقل عدداً منهم، في حين حاولت مجموعات شبابية الاعتصام على مستوى الطريق السيار الرابط بين البيضاء والرباط، ما أدى إلى توسيع رقعة الاحتجاجات والتوقيفات.
مشاهد مماثلة عرفتها مدينة تطوان حيث منعت السلطات وقفات احتجاجية مطالبة بجودة التعليم والصحة، فيما شهدت مدينتا طنجة وأكادير تصدياً أمنياً لمحاولات التظاهر رغم دعوات بعض الهيئات الحزبية، بينها حزب العدالة والتنمية، إلى التعامل مع هذه التحركات الشبابية بـ”صدر رحب” وبـ”مقاربة استباقية وحكمة سياسية”.
الاحتجاجات تخللتها احتكاكات مباشرة بين المحتجين وقوات الأمن، أسفرت عن مزيد من الاعتقالات، منها ما حدث أمام البرلمان بالرباط حيث أُوقف حقوقيون وسياسيون قبل أن يتم الإفراج عن بعضهم والإبقاء على آخرين.
من جهتها، أصدرت حركة “GenZ212” بلاغاً توضيحياً أعلنت فيه تبرؤها من بعض الأشخاص الذين استغلوا السيرفر الخاص بها لنشر محتويات “مسيئة للملكية”، معتبرة أن هؤلاء “ذباب إلكتروني” يسعى إلى التشويش على مسارها السلمي. وأكدت الحركة أن سيرفرها يضم أكثر من 16 ألف عضو، ما يجعل من الصعب مراقبة جميع المشاركات الفردية، مشددة على سلمية تحركاتها ومطالبها الاجتماعية المشروعة.
في المقابل، أصدر حزب العدالة والتنمية بياناً طالب فيه الحكومة والسلطات العمومية باحترام الحقوق والحريات الأساسية المكفولة دستورياً، وفي مقدمتها حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي، داعياً إلى مقاربة سياسية حكيمة تستوعب هذه الدينامية الشبابية.
وبينما تتسع دائرة الاحتجاجات ويعلو صوت المطالب الاجتماعية، يظل الموقف الرسمي للحكومة معلَّقاً، في انتظار ردٍّ قد يحدد ملامح تعامل الدولة مع واحدة من أبرز موجات الاحتجاج الشبابي في السنوات الأخيرة.