الإعفاء المفاجئ للكاتب العام لوزارة التربية الوطنية، يونس السحيمي، أشعل فتيل التوتر من جديد داخل الأغلبية الحكومية، وفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق من طرف حزب الاستقلال في مواجهة حليفه السياسي التجمع الوطني للأحرار. مصادر من داخل حزب الميزان لم تُخفِ امتعاضها من قرار الوزير سعد برادة، المحسوب على الأحرار، معتبرة أن ما حدث هو أكثر من مجرد “سوء تفاهم إداري”، بل رسالة سياسية مشفرة تستهدف أحد أطر الحزب البارزين، وتُهدد توازنات التحالف القائم.
السحيمي، المعروف بقربه من الأمين العام نزار بركة، لم يكن مرشحًا أصلاً لمنصب الكاتب العام حين تم تعيينه في أبريل 2023، بل جاء بدعم مباشر من الوزير السابق شكيب بنموسى. مساره داخل دواليب الدولة لم يكن عادياً، فقد شغل مناصب استراتيجية من بينها مدير ديوان وزير المالية السابق، وكان من الكفاءات التي يُراهن عليها الحزب ضمن مشروعه في الإصلاح الإداري والمؤسساتي.
لكن قرار الإعفاء لم يمر مرور الكرام داخل بيت الاستقلال، حيث تفيد المعلومات أن قيادة الحزب دخلت في حالة استنفار داخلي، وسط مطالب برد سياسي عملي. من بين المقترحات المتداولة داخل الحزب، الدعوة إلى إعفاء مسؤولين مركزيين ينتمون لحزب الأحرار في قطاعات يقودها وزراء استقلاليون، في ما يشبه “رد الصاع صاعين”، خصوصاً أن الإعفاء جاء في سياق مشحون سلفاً بين الطرفين.
فالعلاقة بين الاستقلال والأحرار لم تكن يوماً على وفاق كامل، وسبق لرئيس الحكومة عزيز أخنوش أن أبدى امتعاضه من تصريحات نزار بركة، حين اتهم المضاربين بالسعي لتحقيق أرباح فاحشة رغم الدعم الحكومي للمواد الأساسية. خرجة بركة، التي وُصفت حينها بـ”الضربة تحت الحزام”، أعادت للأذهان هشاشة التماسك بين مكونات الأغلبية الثلاثية.
وفي وقت سابق، جرى الاتفاق داخل الأغلبية على وضع حد للتصريحات الإعلامية بشأن “حكومة المونديال”، بعد أن تحولت إلى ساحة سباق مبكر نحو انتخابات 2026، إلا أن الإعفاء الأخير وما تبعه من ردود فعل غاضبة، يهدد بإعادة الصراع إلى الواجهة، وقد يكون بداية لتفكك تدريجي في التحالف الحكومي.