هاشتاغ _ عزيز الأحمدي
لقد بلغ الوضع في قطاع الصحة درجة من التردي تجعل استمرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، على رأس الوزارة ضربا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه دستوريا في الفصل الأول والفصل 154 من دستور المملكة.
فما عاشه المغاربة في الأسابيع الأخيرة من فضائح مستشفيات أشبه بالإسطبلات، ومن مشاهد مواطنين يصرخون في وجه الوزير بمرارة واحتجاجات متصاعدة، لا يمكن اختزاله في أعطاب تقنية أو موارد ناقصة، بل هو تجلٍّ صارخ لفشل تدبيري وسياسي يضرب جوهر الحق في الصحة المكرس في الفصل 31 من الدستور.
إن الوزير لم يحترم مبدأ الاستمرارية والمرفق العام، إذ ظلت مستشفيات عمومية مغلقة أو شبه معطلة، دون تدخل عاجل أو مخططات عملية قابلة للتنفيذ. كما أن الانقطاعات المتكررة للأوكسجين، النقص الفادح في الأطر، والاكتظاظ المهين للمرضى، كلها مؤشرات على خرق واجب الدولة في توفير خدمات أساسية لائقة.
كما أن الطريقة التي أدار بها الوزير التهراوي قطاع الصحة تكشف عن انفصال خطير بين الخطاب والواقع، حيث لم يأت من عمق السياسة الصحية أو الإصلاحات العمومية، بل جُلب كاسم في معادلة حزبية، ليُلقى في قلب قطاع هو الأخطر على حياة المواطنين. النتيجة أن جولاته الميدانية تحولت إلى مشاهد استعراضية، محروسة بالكاميرات، لم تُسفر عن أي حلول عملية، بل زادت من استفزاز الشارع الذي يرى بأم عينيه الهوة بين البلاغات الوزارية والواقع المأساوي في المستشفيات.
ولم تعد الأزمة أزمة قطاع فقط، بل تحولت إلى أزمة ثقة سياسية. فالوزير نفسه صار عنواناً للفشل، ومجرد استمراره في منصبه يُضعف صورة الحكومة ويُقوض مصداقيتها.
فإن بقاء وزير فشل في مهامه يُعتبر حالة من عدم الانسجام الحكومي، ويُدخل الدولة في منطق “الإنكار المؤسساتي” بدل مواجهة الحقائق.
كما أن إقالة أمين التهراوي اليوم ليست قراراً سياسياً عادياً، بل هي استحقاق دستوري وأخلاقي، ورسالة ضرورية للمواطنين بأن الدولة قادرة على تصحيح أخطائها، إذ أن إنقاذ ما تبقى من صورة الصحة العمومية، وحماية حق المواطنين في العلاج، يتطلبان شجاعة سياسية تقطع مع منطق المحاباة الحزبية، وتضع الكفاءة والمحاسبة فوق كل اعتبار.
فإذا كانت الحكومة جادة في احترام الدستور، وصيانة الحق في الصحة، واستعادة ثقة المواطن، فإن أول خطوة واجبة هي إعفاء وزير الصحة فوراً. غير ذلك، فإننا أمام تكريس للعبث وتوقيع رسمي على موت المنظومة الصحية العمومية.