هاشتاغ
في خطوة وصفت بـ”التحول المفصلي” في العلاقة بين المرضى ومهنيي الصحة في القطاع الخاص، صدر بالجريدة الرسمية مرسوم حكومي جديد يُحدد إطاراً تنظيمياً لتسعيرات الاستشارات الطبية.
ويهدف هذا القرار إلى الحد من الممارسات السعرية غير المنضبطة التي طالما أثقلت كاهل المواطنين، ووضع قواعد واضحة تضمن الشفافية والعدالة في الفوترة الطبية.
المرسوم، الذي انتظره الرأي العام الصحي طويلاً، ينص على تسقيف الأسعار المعتمدة في عيادات الأطباء العامين والأخصائيين، استناداً إلى طبيعة التخصص ودرجة تعقيد الاستشارة. وتُعد هذه الخطوة جزءاً من رؤية شمولية لإصلاح المنظومة الصحية وضمان ولوج عادل ومُنصف للخدمات، خاصة للفئات ذات الدخل المحدود.
أبرز ما جاء في المرسوم، إلزام العيادات والمصحات الخاصة بتعليق لائحة الأسعار الرسمية في أماكن مرئية داخل قاعات الانتظار، وتقديم فواتير مفصلة للمرضى توضح بدقة تفاصيل الخدمات المقدمة وكلفتها. كما وضع المرسوم آليات للمراقبة الإدارية، مع التنصيص على عقوبات واضحة في حالة المخالفة، سواء تعلق الأمر بإخفاء التسعيرة أو فرض رسوم تفوق الحدود القانونية.
ويأتي هذا الإجراء استجابة لمطالب متكررة من المواطنين وجمعيات حماية المستهلك، الذين طالما اشتكوا من غياب الشفافية، والفروقات الصارخة في أسعار نفس الخدمة بين عيادة وأخرى، بل أحياناً داخل نفس المدينة.
في الوقت الذي رحب فيه كثيرون بهذه الخطوة كمدخل لضبط السوق الصحي، حذر بعض المهنيين من أن فرض سقف معين للأسعار قد لا يراعي خصوصيات بعض التخصصات وتكاليف التشغيل. ودعوا بالمقابل إلى مرافقة هذا الإجراء بإصلاحات أوسع تشمل تعريفة الأدوية، وتكاليف التجهيزات الطبية، وهيكلة منظومة التعويضات عبر التأمين الصحي.
ومع ذلك، يُنظر إلى هذا المرسوم كخطوة عملية لرد الاعتبار للمرضى وتحسين علاقة الثقة بينهم وبين مقدمي العلاج في القطاع الخاص، مع تعزيز منطق الشفافية والعدالة الصحية.
يبقى السؤال الأهم: هل تنجح الحكومة في تنزيل هذا المرسوم على أرض الواقع، ومراقبة تفعيله بشكل صارم؟ الجواب رهن بمدى التزام المهنيين، وفعالية أجهزة الرقابة، ومدى انخراط المواطن في تتبع حقوقه الصحية. لكن المؤكد أن لحظة تقنين الأسعار قد حلت، وقد يكون ذلك بداية نهاية “الفوضى الصامتة” التي كانت تسيطر على تسعيرات العلاج في القطاع الخاص.