استقالة في السويد بسبب صورة… وصمت في المغرب رغم مليارات الدراهم

بقلم: العربي مولاي أحمد

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام تعكس حالات متعددة حول العالم تفاوتًا كبيرًا في مدى التزام المسؤولين بهذه المبادئ.

وتطرح مقارنة بين ما حدث مؤخرًا في السويد، وما تشهده الساحة السياسية المغربية، تساؤلات جوهرية حول مفهوم المسؤولية السياسية وحدود الأخلاقيات في ممارسة السلطة.

ففي السويد لم يتردد توبياس تيبيرغ مستشار الأمن القومي الذي عيّن حديثًا، في تقديم استقالته بعد ساعات فقط من تسلمه المنصب إثر تداول صور قديمة نُشرت عبر حسابه على تطبيق مواعدة.

تيبيرغ اعتبر أن عدم كشفه عن هذه الصور في مسار التصريح الأمني يمس بمصداقية المنصب فاختار الانسحاب احترامًا للرأي العام رغم أن الحادث لا يرتبط بتهم فساد أو إساءة استغلال للسلطة.

في المقابل تستمر في المغرب أزمات متتالية تتعلق بإدارة المال العام وتطرح أسئلة عميقة حول تضارب المصالح لدى رئيس الحكومة عزيز أخنوش دون أن تُقابل بأي إجراءات عملية تعكس تحملاً للمسؤولية السياسية.

فقد أثار فوز تحالف يضم شركتين مملوكتين لأخنوش، إلى جانب الشركة الإسبانية “أكسيونا” بصفقة إنجاز محطة الدار البيضاء الكبرى لتحلية مياه البحر، جدلاً واسعًا.

وتكمن خطورة هذه الصفقة، التي تناهز قيمتها 15 مليار درهم في كونها أُطلقت من طرف قطاع حكومي يشرف عليه مباشرة رئيس الحكومةما يُعيد النقاش إلى مربع تضارب المصالح وغياب الحياد المؤسساتي.

ولم تتوقف الانتقادات عند هذه الصفقة فسياسة دعم اللحوم الحمراء التي كلفت خزينة الدولة ما يناهز 13.3 مليار درهم وُوجهت بانتقادات حادة من جهات متعددة اعتبرتها غير مجدية ودعت أصوات سياسية إلى تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في شبهات الفساد وسوء التدبير التي رافقت هذه السياسة.

إلى جانب ذلك فجرت الوزيرة المنتدبة زكية الدريوش وهي عضو في حزب رئيس الحكومة، تصريحًا مثيرًا خلال لقاء حزبي، كشفت فيه عن تفويت صفقة دعم بقيمة مليار و100 مليون سنتيم لصديق حزبي لإنتاج محار البحر في الداخلة. التصريح أثار موجة استياء عارمة واعتُبر دليلاً إضافيًا على ما وُصف بالمنطق الزبوني في إدارة الصفقات العمومية.

المقارنة بين الحالتين لا تهدف إلى تقريع طرف أو تمجيد آخر، بقدر ما تبرز الفارق الواضح في المعايير الأخلاقية والسياسية التي تُطبّق عند تولي مناصب حساسة. ففي السويد، تقف المصداقية على رأس أولويات المسؤول، حتى وإن تعلق الأمر بحساب شخصي قديم. أما في السياق المغربي، فرغم خطورة الملفات المطروحة، تبقى الاستقالة من رئاسة الحكومة أو حتى فتح تحقيق قضائي أو سياسي، أمرًا مستبعدًا.

في الختام، تعيد هذه الحالات طرح سؤال جوهري: هل ما تزال السياسة في بعض الدول تُمارس بمنطق التكليف الأخلاقي والمسؤولية العمومية، أم أنها تحوّلت إلى ممارسة قائمة على الامتيازات والمصالح دون محاسبة؟