اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا على صفيح ساخن.. هل يفرض ترامب شروطه؟

تتجه اتفاقية التبادل التجاري الحر بين المغرب والولايات المتحدة إلى مرحلة جديدة من التفاوض، في ظل تحركات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة رسم خريطة العلاقات الاقتصادية وفق مقاربته “أمريكا أولًا”، التي تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي وإعادة صياغة الاتفاقيات التجارية بما يخدم المصالح الأمريكية. وبينما تسعى واشنطن إلى فرض تعديلات على عدد من الاتفاقيات، ومنها تلك الموقعة مع المغرب، فإن الرباط بدورها تُبدي استعدادها لمراجعة بنود الاتفاقية سعياً لتحقيق توازن أكثر عدالة في التبادل التجاري بين البلدين.

التحركات الأمريكية لا تقتصر على المغرب فقط، إذ كشفت صحيفة “أفريكا انتيلجنس” أن إدارة ترامب بدأت بالفعل أولى خطوات إعادة التفاوض مع كوريا الجنوبية، في ظل تسجيل الميزان التجاري الأمريكي عجزًا تجاوز 20 مليار دولار، ما ينذر بصدام اقتصادي محتمل بين البلدين. ورغم أن الميزان التجاري بين المغرب والولايات المتحدة يميل لصالح واشنطن وليس العكس، فإن الرغبة المغربية في تعديل الاتفاقية تتقاطع مع الطموحات الأمريكية، ما يفتح الباب أمام مفاوضات قد تكون صعبة ومليئة بالتحديات.

ويرى الخبير الاقتصادي ياسين عليا أن تحركات ترامب تهدف إلى فرض هيمنة اقتصادية أمريكية جديدة، مشيرًا إلى أن المغرب أصبح وجهة جذابة للاستثمارات الصينية، التي تحاول التهرب من العقوبات الأمريكية عبر دخول أسواق الدول التي تجمعها اتفاقيات تبادل حر مع واشنطن. هذه المعطيات، وفق عليا، تجعل من مراجعة الاتفاقية جزءًا من “حرب اقتصادية استنزافية” تخوضها الولايات المتحدة ليس فقط مع المغرب، بل مع عدد من الدول الحليفة.

أحد أبرز التعديلات التي قد تفرضها واشنطن تتعلق بالشركات الأجنبية التي تستفيد من امتيازات الاتفاقية، خصوصًا تلك المرتبطة بالصين. ويرى محللون أن الولايات المتحدة قد تطالب بإدراج شروط أكثر صرامة تمنع الشركات ذات الأصول الصينية من الاستفادة من الإعفاءات الجمركية، وهو ما يتماشى مع استراتيجيتها للحد من النفوذ الاقتصادي الصيني عالميًا.

على الجانب المغربي، تُشكل الفجوة الكبيرة في الميزان التجاري نقطة قلق متزايدة لوزارة الصناعة والتجارة، حيث أبدى الوزير رياض مزور في أكثر من مناسبة رغبته في تعديل الاتفاقية بما يحقق مكاسب أفضل للرباط. خلال كلمته في الحفل السنوي لغرفة التجارة الأمريكية بالدار البيضاء، شدد مزور على ضرورة إعادة تقييم الاتفاقية، خصوصًا أن الميزان التجاري بين البلدين لا يزال يميل بشكل كبير لصالح الولايات المتحدة رغم تضاعف حجم التبادل التجاري بينهما خلال العقدين الأخيرين.

وفي يوليوز الماضي، خلال اجتماع اللجنة المشتركة المكلفة بتتبع الاتفاقية في واشنطن، أعرب مزور عن طموح المغرب في زيادة صادراته الفلاحية إلى السوق الأمريكية، مشيرًا إلى أن المنتجات المغربية، رغم جودتها العالية، لا تزال تواجه صعوبات في النفاذ إلى السوق الأمريكية، خصوصًا فيما يتعلق بلحوم الدواجن المعالجة حراريًا والفواكه والخضروات.

وفي تعليقه على المفاوضات المحتملة، يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن تعديل بعض بنود الاتفاقية أمر ممكن، لكن الأهم هو الحفاظ على مبدأ “رابح – رابح” بين المغرب والولايات المتحدة، مؤكدًا أن أي مراجعة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الأثر بعيد المدى على الاقتصاد المغربي.