أسامة الخليفي
هذه الأيام كمشاهد درامية غير منضبطة، سناريوهاتها سيئة للغاية، و مخرجها ينتمي في اعتقادي إلى مدرسة العبث، لذا فمشاهدة حلقات هذا المسلسل اليومي تدعو للدهشة أن لم نقل الإحباط في غالب الأحيان.
نعيش زمن الخبث تنتعش فيه المنابر الإعلامية و الصالونات السياسية، بجهل شبابنا و دفعهم للمزيد من الغلو و التطرف، سواء كان ذلك عن وعي او عن غير قصد، و يتناسون أن الاحزاب دورها الأساسي التاطير والمواكبة و التربية عن المواطنة و الوطنية.
للاسف نعيش كما انقلب فيه الظالم إلى مظلوم، و الخائن إلى مناضل، و المتطرف إلى معتدل و وطني، اصبح التطرف خدمة مؤداة عنها، بعيدا الروح الوطنية التي من شأنها أن تزرع روح المشترك بينما، سواء اختلفنا في المواقف و التقديرات او كنا متفقين.
غابت تلك الروح و القيم التي تربينا عليها أمثال بنبركة و الخطابي و بوعبيد و علال الفاسي و عصمان و القائمة طويلة ، شخصيات بصمت تاريخنا السياسي حيث مهما اختلفوا الا انهم دائما ما يستحضرون مصالح الوطن و وحدته.
أتذكر جيدا نقاشات شباب 20 فبراير إبان 2011 في اجتماعاتنا المغلقة او المفتوحة، في عز الفوضى التي كانت تعم معظم الدول العربية، و كيف اتفقنا على مطلب الملكية البرلمانية استحضارا منا لضرورة التغيير في ظل الاستقرار و وحدة الوطن، و قرر الشباب رفع شعار “هوى وطني” للزعيم علال الفاسي لإظهار الروح الوطنية رغم أننا لم نكن تنتمي المدرسة الاستقلالية.
للاسف نعيش اليوم واقعا اخرا، أصبحت الوطنية عملة نادرة و موضة قديمة في نظر من يدعون النضال ، وأصبح النخبة و جل الفاعلين من طينة الانتهازيين و الوصوليين، أصبح الولاء للمصلحة قبل الولاء للوطن، حتى أضحى شبابنا اليوم يردد في المقاهي و الحانات عبارة “شنو عطاتنا هاد البلاد ” ، نعيش زمنا نحن فيه إلى أمثال عبد الرحيم بوعبيد الذي قال ” السجن احب الي من ان التزم الصمت و الا اقول رأيي في قضية مصيرية وطنية “.