الأحزاب تتهرب من شرط الكفاءة التعليمية وتفتح أبواب البرلمان لـ”الأعيان والأميين”

Hashtag
مرة أخرى تثبت الأحزاب السياسية المغربية أنها عاجزة عن تقديم صورة حديثة ومسؤولة تعكس طموحات المجتمع، وذلك بعد تجاهلها إدراج شرط المستوى التعليمي ضمن مقترحاتها المرفوعة إلى وزارة الداخلية بخصوص مراجعة القوانين المؤطرة لانتخابات 2026.

فعلى الرغم من تصاعد المطالب الشعبية والمدنية باشتراط شهادة البكالوريا كحد أدنى للترشح لمجلس النواب، بحجة رفع كفاءة المؤسسة التشريعية وضمان الحد الأدنى من القدرة على التشريع والمراقبة، آثرت الأحزاب الصمت، مفضلة ترك الباب مفتوحاً أمام “أصحاب المال والنفوذ” الذين لا يتجاوز مستوى بعضهم الإعدادي.

هذا الموقف، الذي يبرره البعض بما يسمى “إشكالات دستورية”، يكشف في العمق عن حسابات انتخابية ضيقة، حيث تفضل الأحزاب حماية قواعدها الانتخابية المتمثلة في الأعيان والوجهاء، حتى لو كان الثمن هو إضعاف البرلمان وتحويله إلى مؤسسة تفتقر للكفاءة والحضور الفعّال.

والمؤسف أن الأحزاب، وهي التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية والشفافية، لم تلتقط الإشارة الواضحة من المجتمع، الذي يرى أن غياب الشرط التعليمي يعد “فضيحة سياسية” ويكرس فراغاً قانونياً خطيراً. فكيف لمؤسسة تشريعية يفترض فيها إعداد القوانين ومناقشة الميزانيات ومحاسبة الحكومة أن تضم نواباً يفتقرون إلى أبسط مؤهلات النقاش والمعرفة؟

لقد تحولت الأحزاب، بصمتها المتواطئ، إلى عائق أمام تحديث الحياة السياسية، مفضلة المغانم الانتخابية على المصلحة الوطنية. وهو ما يعكس بوضوح أزمة عميقة في النخب الحزبية التي تتشبث بالماضي وترفض الانخراط في رهانات المستقبل، حيث الكفاءة والمعرفة لم تعد خياراً بل ضرورة.

إن التخلي عن شرط المستوى الدراسي ليس مجرد تفصيل قانوني، بل رسالة خطيرة إلى المجتمع بأن الأحزاب مستعدة للمساومة على كل شيء مقابل الحفاظ على مقاعدها. والنتيجة: برلمان ضعيف، رقابة شكلية، وتشريع مشلول، في وقت يحتاج فيه المغرب إلى طاقات مؤهلة تقود إصلاحاته وتواكب تحدياته.