
في أجواء سياسية مشحونة بتحديات الإصلاح والرهانات الانتخابية المقبلة،ووزارة الداخلية وجهت مراسلات إلى مختلف الأحزاب السياسية تدعوها إلى موافاتها، قبل نهاية شهر غشت الجاري، بمذكراتها التفصيلية حول الإطار العام المؤطر للانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026، في سياق التفعيل العملي للتوجيهات الملكية التي حملها خطاب العرش الأخير، والتي وضعت سقفًا سياسيًا وزمنيًا واضحًا لهذا الورش الإصلاحي.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن عدداً من القيادات الحزبية والوزراء اضطروا إلى قطع عطلتهم الصيفية بشكل مفاجئ، والتفرغ كليًا لإعداد المذكرات المطلوبة، التي يُرتقب أن تشكل الأرضية الأساسية للنقاش حول التعديلات التشريعية والتنظيمية المنتظرة. كما لجأت بعض التشكيلات الحزبية إلى الاستعانة بخبراء متخصصين في القانون الدستوري والأنظمة الانتخابية، سعياً لإنتاج مذكرات محكمة تقنياً، ومتماسكة سياسيًا، تستحضر التحولات التي فرضها السياق الوطني والدولي، وتستوعب المتطلبات الجديدة للديمقراطية التمثيلية.
ويأتي هذا الحراك التنظيمي بعد الاجتماعين السياسيين الذين ترأسهما وزير الداخلية، السبت الماضي، مع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان، في إطار مشاورات أولية تهم الإعداد المبكر للاستحقاقات المقبلة، تنزيلاً للتوجيهات السامية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز، والذي شدد على ضرورة احترام الأجندة الدستورية العادية للانتخابات، وطيّ صفحة الضبابية القانونية قبل متم السنة الجارية.
وبحسب ما رشح من اللقاءين، فقد سادت أجواء من التوافق المبدئي بين الفاعلين السياسيين، مع إشادة جماعية بالخطوة الملكية التي أعادت الاعتبار للمنهجية التشاركية في تدبير محطات البناء الديمقراطي، ورسّخت مبدأ التفاعل المسبق والمسؤول مع المحطات الكبرى بدل الإعداد المتأخر والمفاجئ.
بلاغ وزارة الداخلية أكد بدوره أن الأحزاب مدعوة إلى بلورة تصورات مكتوبة تتناول الأولويات التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالعملية الانتخابية، قصد مناقشتها بشكل جماعي قبل عرضها على البرلمان ضمن جدول أعمال الدورة الخريفية المقبلة، في أفق التوافق على التعديلات الضرورية التي من شأنها تعزيز شفافية الاقتراع، ونجاعة تمثيلية المؤسسات المنتخبة، وتوسيع قاعدة المشاركة.
ويرتقب أن تشهد الأسابيع المقبلة دينامية سياسية لافتة داخل الأجهزة التقريرية للأحزاب، مع عقد اجتماعات مكثفة وتحريك الآليات الفكرية والتنظيمية، في سباق محموم مع الزمن لصياغة مشاريع مذكرات ذات مصداقية، تعيد النقاش الانتخابي إلى عمقه المؤسسي والسياسي، وتؤسس لنموذج انتخابي متجدد يستجيب لتطلعات المواطنين، ويرفع من منسوب الثقة في العملية السياسية برمتها.
