
مريم بولهرود
بمجرد إسدال الستار على الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش تسابقت جل الأحزاب المغربية دون استثناء لإصدار بيانات إشادة وتنويه بلغة نمطية متكررة تفتقر إلى أي اجتهاد أو مضمون سياسي حقيقي.
وكأن وظيفة هذه الكيانات الحزبية انحصرت في أداء طقوسي موسمي لا يتعدى حدود التنويه لما جاء في الخطاب دون أن تكلف نفسها عناء تقديم تصورات أو مقترحات عملية تترجم تلك التوجيهات السامية إلى مشاريع واقعية أو سياسات عمومية ناضجة.
الغريب أن هذه الأحزاب تمتلك أذرعا إعلامية وتنظم مؤتمرات وتجمعات ولقاءات، لكنها تكتفي بترديد عبارات التثمين، دون أن تبادر إلى شرح مضامين الخطاب الملكي للمواطنين بلغتها الخاصة، أو تساهم في تطوير أفكاره عبر رؤية حزبية تستند إلى تحليل الواقع وتطلعات المجتمع.
الحقيقة هي أنها أحزاب تشتغل بمنطق “رد الفعل” لا “الفعل السياسي”، وتركب كل موجة ملكية أو رسمية دون تقديم أي قيمة مضافة تبرر وجودها أو تدعم مشروعها السياسي المفترض.
لقد أصبح من الواضح أن الهاجس الانتخابي الضيق، والسعي نحو الحقائب الوزارية والمقاعد البرلمانية، هو ما يحرك أغلب الفاعلين الحزبيين في البلاد.
أما المواطن فقد ترك لمصيره أمام أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة، وسط غياب تام لوساطة حزبية حقيقية تؤمن بالتأطير والترافع وتنتصر للسياسة النبيلة لا للريع السياسي، إنها أزمة أحزاب قبل أن تكون أزمة ثقة.
