الأطباء تحت الضغط والنقابات تحذر من انهيار الخدمة العمومية بسبب قرارات التهراوي

هاشتاغ
يتجدد الجدل داخل قطاع الصحة بعد إصدار وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بقيادة أمين التهراوي، دورية جديدة تلزم المديريات الجهوية والإقليمية بنشر لوائح الأطباء المداومين وتشديد الحضور داخل مصالح المستعجلات، في خطوة اعتبرتها الوزارة محطة لتعزيز الشفافية وتحسين تنظيم الحراسة الطبية وضمان استمرارية الخدمات.

الدورية الجديدة التي تستهدف ضبط المداومة وتجويد خدمات الطوارئ بدا أنها تلقى ترحيباً نسبياً لدى النقابات، لكن مع تحفّظات كبيرة حول قدرتها على معالجة جذور الأزمة. ففي هذا السياق، اعتبر حمزة الإبراهيمي، مسؤول التواصل بالاتحاد النقابي الديمقراطي (FDT)، أن المبادرة تظل إيجابية من حيث المبدأ، لكنها، في نظره، لا يمكن أن تكون ذات جدوى إلا إذا جاءت ضمن إصلاح شامل يأخذ بعين الاعتبار ظروف العمل القاسية داخل المستشفيات ونقص الموارد البشرية وضغط المهام.

وبالتوازي مع ذلك، أطلق الوزير التهراوي إصلاحاً آخر يرتبط بإعادة هيكلة تداريب طلبة معاهد التمريض وتقنيات الصحة، عبر دورية مؤرخة بـ19 نونبر 2025 وضعت إطاراً موحداً لتتبع التداريب، مع دراسة إمكانية تعويض بعض المهام التي يقوم بها الطلبة. وهي خطوة ترى فيها الوزارة اعترافاً جزئياً بالدور الحيوي الذي يضطلع به هؤلاء في ظل النقص الحاد في الأطر.

لكن هذه التدابير لم تُقنع النقابات الأكثر تمثيلية. ففي تعليق له، شدد عادل عوين، عن الجامعة الوطنية للصحة (UGTM)، على أن “التذكير بالدوريات” لن يحل معضلات القطاع، مادامت المستشفيات تعاني عجزاً هيكلياً في الأطباء والممرضين، وضعفاً في التجهيزات، وتنامياً لظاهرة الاعتداءات داخل أقسام المستعجلات، إلى جانب غياب التعويضات المواكبة لساعات العمل المضنية.

وترى النقابات أن تطبيق الدورية بشكل صارم سيظل رهيناً بتوفير شروط واقعية تضمن العدالة المهنية وراحة الأطر الصحية، معتبرة أن إصلاح منظومة الحراسة يتطلب قبل كل شيء تقوية البنيات التحتية، توفير الموارد البشرية الكافية، وتخطيطاً تشاركياً يدمج مهنيي القطاع في اتخاذ القرار.

وفي ظل استمرار الجدل، تتباين التوقعات بين من يرى في مبادرات الوزارة خطوة أولى في مسار طويل لإعادة هيكلة القطاع، وبين من يعتبر أن الأزمة أعمق من مجرد دوريات تنظيمية، وأن أي إصلاح حقيقي يجب أن يتجه نحو إعادة بناء منظومة الصحة على أسس جديدة تحفظ كرامة العاملين وتضمن خدمات لائقة للمواطنين.