الأنانيات التنظيمية الهدامة داخل الاتحاد الاشتراكي!!!

علي الغنبوري
يعيش الاتحاد الاشتراكي في المدة الاخيرة على وقع « ازمة » تنظيمية مفتعلة تتخذ من مشروع قانون منصات التواصل الاجتماعي مطية لاظهار وجه نضالي و اخلاقي لاصحابها ، دون اي تفصيل سياسي و تنظيمي فيما يعاني منه الحزب .

تصريف هذه الازمة اتخذ منحى اعلامي تصاعدي ،و متوالي الخرجات من مهندسيها و مفجريها ،في تجاهل تام لابسط القواعد التنظيمية و السلوكية التي من المفترض ان تسود القيادة الحزبية ،لتنظيم سياسي عريق مثل الاتحاد الاشتراكي .

واذا كانت حرية التفكير و الراي هي الشعار الذي يرفعه هؤلاء امام اي انتقاذ او معارضة قد تلاقيها « حركيتهم »، باعتبارها جزء من الثقافة المتجدرة داخل الحزب ، فان هذه الحرية مجبولة بقواعد اساسية و لا غنى عنها ، و لا يمكنها ان تستقيم بدونها او تكتسب صفتها الشرعية اذا افتقدت اي من هذه الشروط و القواعد .

فالحرية تقتضي التجرد ،و عدم التنصل من المسؤولية و القفز من المركب في محاولة للنجاة و الخلاص الفردي ، كما تقتضي النزاهة و عدم التورط في كل ما من شأنه ان يؤثر على صدقية الممارسة و الفعل السياسي لصاحبها ، و الابتعاد عن منطق الابتزاز ،و فوق كل هذا و ذاك فالحرية غير المبنية على تقديم البديل و التصورات النقيضة لما ننتقده ، تعتبر تشويشا و عبثا و تخريبا .

للاسف كل هذه الشروط و القواعد تغيب عن اغلب اعضاء المكتب السياسي ، الذين يركبون اليوم حصان الثورة الحزبية ، فاغلبهم متورط في مجازر تنظيمية داخل الحزب ، و مستفيد بدون وجه حق من ظروف الترقي التنظيمي و السياسي و الاجتماعي باسم الحزب .

و منهم كذلك من كانت له اليد الطولى في تأجيج الصراع داخل الحزب ،و من وجه و هيأ الشروط و الظروف لخلق الوقيعة بين المناضلين من جهة و بين قيادة الحزب من جهة اخرى ،و منهم من خرجت من مكتبه الشخصي دعوات طرد المناضلين .

و الاكثر من هذا فمنهم من ليست له اي شرعية تنظيمية او شعبية ، بحيث رسب في كل محطات الاختيار الحزبي للمناضلين ، ليستفيذ من شرعية التعيين في اطار الثقة الحزبية، التي كان من المفروض ان تحتم عليه اليوم التزام الصمت او تقديم الاستقالة مما استفاذ منه في ضل هذه الشرعية التعينية ، حتى يكون منسجما مع ما بات يدعو له انطلاقا من صفة ليست له .

و منهم كذلك من عارض المصالحة ااحزبية علانية وقال امام الملأ « ما عندهم ما يجيو يديرو في الاتحاد « ، و قاطعها و قاطع كل مبادراتها ، و سعى سعيا حثيثا نحو منع تحققها ، ووضع في عجلتها كل العصي و الاسلاك و الاشواك لمنع تحققها .

و كما يقول المثل فاقد الشيء لا يعطيه ، فلا يمكن ان تكون يدك ملطخة بالدماء و تطالب بالدية ، و لا يمكن السكوت دهرا و النطق اليوم بالكفر ، و تحين الفرص عبر اقتناص بعض الاخطاء لمحاولة الظهور بمظهر المنقذ الذي تهمه مصلحة الحزب و الذي يريد اصلاحه انطلاقا من حبه و غيرته و خوفه عليه .

كما لا يمكن الاختباء وراء الجمل و المطالبة بتعريتها (striptease politique) بدل وضوحها ، و اجترار اللغو ، و اعتباره موقفا بطوليا ، فاغلب الخرجات التي صدرت عن هؤلاء بعد بيان المكتب السياسي الاخير ، فارغة من اي معنى او حمولة سياسية و غير مبنية على اي قيمة اخلاقية او تنظيمية و سياسية ، بل يمكن ان نقول انها مجرد ثرثرة الهدف منها فقط اطلاق الرصاص في الهواء و احداث الضجيج الاجوف .

فهي لا تقدم اي اجوبة على تساؤلات المناضلين و انتظاراتهم السياسية و التنظيمية ، و تصورهم للحزب مستقبلا ، و لا تحمل في طياتها اي اجتهاد فكري او سياسي لمواجهة التحديات المستقبلية للوطن ، بل كل ما تحمله ما هو الا انتقاء بعناية كبيرة لمفردات السب و الشتم في حق الكاتب الاول للحزب ، و كان الامر يتعلق بتصفية حسابات شخصية ، او ابتزاز من اجل شيء معين .

من المؤكد ان القيادة الحزبية ارتكبت اخطأ تنظيمية و سياسية كما ارتكبتها القيادات السياسية السابقة للحزب ، لكن على الاقل هذه القيادة الحزبية ، كانت لها الجرأة النضالية و الاخلاقية بالاقرار بذلك و قدمت نقدا ذاتيا عبر الاقرار بأزمة الحزب ،و قدمت حلولا عملية لتجاوز الامر ، و هيأت الظروف لانجاح مصالحة حزبية ، لولاها لما عاد مجموعة من الاتحاديات و الاتحاديون الى حزبهم، الذي كنتم انتم سببا مباشرا و رئيسيا في ابعادهم عنه .

انتم مطالبون اليوم بتقديم نقد ذاتي صريح و واضح ، و بالاعتذار لعموم الاتحاديات و الاتحاديين ، على ما قمتم به طيلية سنوات ، و على ما تقومون به اليوم ، و الا فان الامر لن يخرج عن دائرة الانانية التنظيمية المقيتة ، التي تجعل من الشخص يتوهم النقاء و الصفاء ، و هو في الحقيقة يسبح في بركة أسنة من الخطايا.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *