هاشتاغ _ الرباط
عبد السلام أحيزون، الرجل الذي ظل لسنوات طويلة رمزاً لقيادة شركة “اتصالات المغرب”، يقف اليوم على مفترق طرق مصيري، وسط عاصفة من الانتقادات والقرارات التي تهدد استمراره في منصبه. مسيرة امتدت لعقدين تقريباً، بدأت بالنجاحات الكبرى وتوجت بسمعة رائدة لشركة “اتصالات المغرب”، لكنها تواجه الآن تحديات جسيمة، أبرزها خسائر مالية ضخمة وغرامات متتالية كشفت عن اختلالات هيكلية في التدبير والإدارة.
في السنوات الأخيرة، تحولت الشركة من نموذج للنجاح إلى رمز للأزمات، حيث أن آخر الضربات التي تلقتها كانت الغرامة القياسية البالغة 6.3 مليار درهم التي فرضتها المحكمة التجارية بالرباط لصالح شركة “وانا”، بسبب ممارسات اعتبرت منافية للمنافسة.
هذه الغرامة، التي جاءت في يناير 2024، لم تكن سوى جزء من سلسلة طويلة من النزاعات القانونية، أبرزها الغرامة السابقة التي فرضتها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بقيمة 3.3 مليار درهم في عام 2020، إذ أنه وبتراكم هذه الغرامات، أصبحت الشركة تواجه أزمة مالية عميقة، حيث انخفضت أرباحها بنسبة 92% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ما يعكس وضعاً خطيراً وغير مسبوق في تاريخها.
ولم تقتصر التداعيات على الخسائر المالية فقط، بل طالت العلاقات الاستراتيجية للشركة، حيث أبدت مجموعة “إي آند” الإماراتية، التي تمتلك 53% من أسهم الشركة، استياءها المتزايد من أداء عبد السلام أحيزون، وهو ما تجلى في زيارة الأخير إلى الإمارات قبل أسابيع، والتي لم يحظَ خلالها باستقبال رسمي من مسؤولي المجموعة، حيث كانت رسالة واضحة تعكس عدم الرضا عن أسلوب إدارته، وتؤكد عمق الأزمة التي تعيشها الشركة، وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبلها في ظل هذه القيادة.
اسم عبد السلام أحيزون لم يعد مرتبطاً فقط بإخفاقات “اتصالات المغرب”، بل تعدى ذلك ليصبح رمزاً للفشل على أكثر من صعيد. في ميدان ألعاب القوى، حيث يرأس الجامعة الملكية المغربية منذ سنوات، عانت الرياضة الوطنية من إخفاقات كبيرة، كان أبرزها المشاركة المخيبة في أولمبياد باريس، التي أنقذها فقط الإنجاز الفردي لسفيان البقالي، وهي النتيجة لم تكن كافية لتمحو الإخفاقات الأخرى، بل زادت من الضغوط التي تحاصر أحيزون وتضعف موقفه أمام الرأي العام والمؤسسات التي يقودها.
ومع اقتراب نهاية ولايته في مارس المقبل، تبدو الإقالة أقرب من أي وقت مضى في ظل الدعوات المتزايدة لإحداث تغيير جذري داخل “اتصالات المغرب”، سواء من المساهمين أو الرأي العام، تجعل من استمرار أحيزون في منصبه خياراً مستبعداً، باعتبار أن الشركة تحتاج إلى قيادة جديدة قادرة على مواجهة التحديات، وإعادة بناء الثقة التي اهتزت داخلياً وخارجياً.
رحيل أحيزون ليس مجرد مسألة وقت، بل هو خطوة ضرورية لاستعادة الشركة مكانتها الرائدة، وتصحيح المسار الذي تآكل تحت وطأة الأخطاء المتكررة، إذ أنه في عالم الأعمال والسياسة، لا مكان للمكافأة على الفشل، والمشهد الحالي في “اتصالات المغرب” يتطلب قرارات جريئة تعيد للشركة توازنها، وللمغرب سمعة مؤسساته كمثال يحتذى به في الحوكمة والشفافية. إذا كانت الإقالة هي الخيار المطروح، فإنها ستكون رسالة واضحة بأن المغرب يضع مصلحة مؤسساته فوق أي اعتبارات شخصية، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الكفاءة والابتكار.