الاتحاد الاشتراكي في مواجهة الانسحاب الحداثي!!!

علي الغنبوري

المتابع الجيد للسجال الدائر اليوم حول مشروع القانون الجنائي الجديد ، و ما يقوم به الاسلاميون من ضغط و تزييف و تحريف للحقائق ، في اطار فرض رؤاهم و توجهاتهم الرجعية و الماضوية ، سيلحظ بشكل جلي الغياب او بمعنى اصح الانسحاب الطوعي و المتعمد ، لكل القوى التي تدعي الحداثة و التقدمية سواء من اليمين الليبرالي او اليسار ، من هذه المعركة .

فالكل اليوم اختاروا ان يدفنوا رؤوسهم تحت التراب ، و كان هذه المعركة لا تهمهم و لا تهم التوجه الحداثي في البلاد ، فلاحظنا كيف اختفت مواقف الجميع من مواضيع الحريات الفردية و الاجهاض و الاعدام و حماية الحياة الخاصة و الاغتصاب ووو،و كيف لم يعد لهم اي اعتراضات فيما يخص القانون الجنائي المغربي و بنوده المتهالكة و المتجاوزة .

للاسف هذا الانسحاب ليس له اي اساس و اي مبدأ، سوى منطق تكتيكي بئيس يروم جعل الاتحاد الاشتراكي يدفع ثمن مواقفه المبدئية النابعة من قناعاته السياسية و الفكرية غير القابلة للتغير، او بمعنى اصح و كما يقال بالدارجة « خلي الاتحاديين يتشوطو » .

فهؤلاء لا يريدون ان يقتنعوا بان اختيار الاتحاد الاشتراكي الدخول الى هذه الحكومة ، لم يكن بغرض البحث عن المناصب و الاصطفاف الى جانب الاسلاميين ، لكن دخول الاتحاد لهذه الحكومة هو بغرض تحصين و حماية المكتسبات الديمقراطية و التوجهات الحداثية بالبلاد .

و لعل الممارسة الحكومية للاتحاد ، خير دليل على هذا الطرح السياسي الذي أمن به و بنجاعته و فعاليته ،حيث اثبت للجميع بان قناعاته و افكاره و رؤاه هي المحدد الوحيد لعمله داخل هذه الحكومة ، و ان وجوده داخلها هو عنصر التوازن الوحيد ، لكبح جماح الاندفاعات الرجعية و المتزمتة ،التي تحاول الاستفراد و الهيمنة على القرار داخل المنظومة التنفيذية للبلاد.

ما لا يريد ان يفهمه هؤلاء ، ان الاتحاد يؤمن بشكل عميق ، بان المبادئ لا تقبل التكتيك ، و انه لا ينسحب من المعارك التي تكون فيها قناعاته و توجهاته النابعة من مرجعيته الحداثية ، موضوع هجوم و ضرب، مهما كان موقعه.

و الاتحاد كذلك اعتاد على الخذلان من اقرب المقربين له من ناحية المرجعية و التوجه ( التاريخ مليء بمئات الامثلة) ، في عز المعارك الديمقراطية و الحداثية و التقدمية التي يخوضها ، من اجل تقدم و مناعة و قوة الوطن .

معركة القانون الجنائي اليوم ، هي معركة اخرى يثبت فيها الاتحاد للجميع ، انه الواجهة النضالية الوحيدة الثابثة في مواقفها و قناعاتها و مبادئها ، مهما كان موقعها او اصطفافها ، فالاتحاد لا يضع في حساباته الاعتبارات السياسوية الضيقة ، و التكتيكات الصبيانية القائمة على منطق  » ترجاع الصرف  » .

الاتحاد اليوم يخوض معركة لا اخلاقية ، ليس فقط مع الاسلاميين الذين يستعملون كل اشكال الابتزاز و التشويش و الضرب تحت الحزام ،بل يخوض كذلك معركة مع من اختار الانسحاب وفاء اما لمنطق انتخابوي دنيء او حقد تاريخي غير قابل للعلاج .

سير الاتحاد الاشتراكي في معركة القانون الجنائي ،من خلال وزيره في العدل محمد بنعبد القادر ، لا ينتظر منه التصفيق و الاشادة ، و لا استجداء الدعم و المساندة ، بل هو نابع من دوره و قناعته بانه الوحيد القادر على الدفاع عن الحداثة و الديمقراطية و العدالة ،و شروط احقاقها .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *