الاتحاد الاشتراكي ما بين الأمس واليوم تجربة الاتحاديين في تسيير جماعة تطوان نموذجا

سليمان الخشين

نظمت الشبيبة الاتحادية بتطوان مساء أمس الخميس لقاء تواصليا مع رئيس جماعة تطوان الأزهر السابق ذ. محمد العربي الزكاري، ورئيس جماعة تطوان سيدي المنظري الدكتور عبد الوهاب إيد الحاج، من أجل استعراض تجربة حزب القوات الشعبية في تدبير الشأن العام المحلي بتطوان.

اللقاء استعرض مجموعة من المشاريع المهيكلة لمدينة تطوان والتي كانت من بصمات منتخبي حزب « الوردة » بتطوان، والمتمثلة في: الطريق الدائري (شركة التبغ ـ ش المكي الناصري) الطريق الدائري (ش 9 أبريل) سوق الجملة للخضر والفواكه، تثنية مدخل تطوان في اتجاه مدينة طنجة. أسواق القرب (زيانة ـ المحنش الأول، سيدي طلحة….) ثم المشروع الكبير لإعادة هيكلة حي جبل درسة والمعروف بمشروع التهيئة الحضرية درسة سمسمة، تهيئة المدينة العتيقة وحي الإنسانشي… وإبرام مجموعة من اتفاقيات التعاون والشراكة مع عدد كبير من المدن الإسبانية مثل مدريد وإشبيلية وغرناطة والحكومة الأندلسية وبعض المدن في أمريكيا اللاتينية، والطلب الرسمي الذي تم تقديمه لمنظمة اليونيسكو من أجل قبول إدراج مدينة تطوان في عداد التراث العالمي الإنساني.

في الحقيقة إن منتخبي الاتحاد الاشتراكي قد خلفوا بصمات واضحة في تسيير مدينة تطوان، ولا سيما خلال فترة رئاسة المرحوم أحمد أجزول، حيث كان الحزب يعيشها أيامها أزهى فترات توهجه وتألقه محليا ووطنيا، بخلاف المراحل التي تلت هذه التجربة وخاصة تجربة (1997 ـ 2003) التي طبعتها الصراعات والمؤامرات والدسائس الداخلية سواء على المستوى الوطني أثناء رئاسة عبد الرحمن اليوسفي لحكومة التناوب التوافقي (حينها سيعرف الحزب انشقاقا كبيرا، حيث قام جناح نوبير الأموي بتأسيس المؤتمر الوطني الاتحاد، مع فك ارتباط نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بحزب الوردة، ومن جهة أخرى قام جناح الكاتب العام للشبيبة الاتحادية السابق محمد الساسي أو ما يسمى بتيار الوفاء للديمقراطية بالانضمام إلى الحزب الاشتراكي الموحد) أو على المستوى المحلي، من خلال القيام بتنظيم انقلابين على رئاسة مجلس جماعة تطوان سيدي المنظري، الشيء الذي أثر على أداء المنتخبين الاتحاديين خلال هذه الفترة.

لقد خرج هذا اللقاء التواصلي بمجموعة من التوصيات التي تستحق أن تتم دراستها بتمعن والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
1- كان هناك شبه إجماع على ضرورة إلغاء نمط الاقتراع باللائحة الذي رسخ استعمال الأموال وشراء الذمم وكرس العزوف السياسي. والعودة إلى نمط الاقتراع الأحادي الفردي.
2- ضرورة إعادة المكانة للأحزاب السياسية في القيام بأدوارها التأطيرية وفي تدبير الشأن العام وطنيا ومحليا، حيث لوحظ أن السلطات العمومية قد حلت منذ مطلع الألفية الجديدة قد حلت محل السلطات المنتخبة في تنفيذ مشاريع التهيئة الحضرية.
3- ضرورة تمكين الجماعات الترابية من الموارد المالية الكافية للقيام بدورها في التنمية المحلية.

أعضاء الشبيبة الاتحادية خلال هذا اللقاء، كانوا يتساءلون بحرقة هل يمكن أن يسترجع الاتحاد الاشتراكي أمجاده؟ أم سيصبحون مجرد ورقة لإكمال الأغلبية لهذا الحزب أو ذاك؟
أكيد أن الاتحاد الاشتراكي كما قال أحد المتدخلين يمرض ولا يموت، يسقط ثم يقف على رجليه من جديد. ولكن مما لا شك فيه، أن الاتحاد الاشتراكي الذي كان متجذرا في صفوف القوات الشعبية مدافعا عن أحلامها وآلامها ويضمد جراحها، لا يهمه إن اعتقل أو تم التنكيل بأحد أعضاءه في سبيل تحقيق فكرته النبيلة، وهي غرس قيم الديمقراطي والفكر اليساري الحداثي التقدمي في صفوف الشعب المغربي. وكان من الطبيعي أن حينما انسلخ من معانقة أحلام الفقراء والبسطاء والمستضعفين، فإنه ترك المجال مفتوحا على مصراعيه لقوى الفكر الظلامي لكي تنصب نفسها كوريثة شرعية للنضال الشعبي المغلف بدثار الدين، خاصة وأن حزب « الوردة » كانت قد أنهكته الصراعات الداخلية مثلما أفقدته التجربة الحكومية المزيد من بريقه وتألقه.

إن الاتحاد الاشتراكي اليوم في مفترق الطرق، حيث وصل به المطاف أخيرا ليقبل بمقعد واحد داخل حكومة لا تجمعه بها أية مرجعية تاريخية أو إيديولجية، بل كانا طوال تاريخهما خصمين متنافرين (لا يمكن أن ينسى الاتحاديون مشاركة أعضاء الشبيبة الإسلامية في اغتيال الشهيد عمر بن جلون) لذلك لا بد له من العودة إلى أصوله التي تمتح من استراتيجية النضال الديمقراطي سياسيا، ومن منظومة اليسار فكريا. لا بد من فتح المجال لنقد التجربة وتشخيصها لمعرفة مكامن الخلل فيها، لا بد من تحديد الحلفاء الاستراتيجيين للحزب حالا ومستقبلا، فلا يمكن أن يظل الحزب بلا هوية يبحث عمن ينادي عليه ليكمل أغلبيته الحكومية أو الجماعية، ولا يمكن إن كان هذا الذي يطلب وده حزبا إسلاميا أو حزبا إداريا.

من جهة أخرى لا بد أن تعود للحزب قوته التأطيرية. فأعضاء الشبيبة الاتحادية الذين نظموا هذا اللقاء، كانوا يصرخون بأعلى أصواتهم، نحن لا نعرف تاريخ الحزب، وليس في الحزب من يؤطرنا لممارسة العمل السياسي، ولمعرفة التقنيات الحديثة لتدبير الجماعات الترابية، أو لتقييم السياسات العمومية.

حاليا لا نجد في الساحة السياسية سوى ذة. نبيلة منيب تدعو إلى وحدة اليسار، بينما بدأ الحاج نبيل بنعبد الله بعدما استفاق من الوهم « الإسلامي » يدعو إلى إحياء « كتلة الأحزاب الوطنية » فهل الصدمات تلو الصدمات التي عانى منها الاتحاد الاشتراكي رفقة التقدم والاشتراكية ستدفعهما إلى اصولهما، وحينها سيكون الصراع شرسا مع أذناب الفكر الظلامي، الذين سقطوا في امتحان تنفيذ شعار « مقاومة الفساد والاستبداد ».

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *