الاحتجاجات بين أكادير والقرى النائية: رسائل سياسية حول فشل التدبير العمومي

اشرف اولاد الفقيه

عرفت مدينة أكادير اليوم الاحد موجة احتجاجات جديدة، لم تعد مفاجئة للرأي العام، خاصة وأنها تأتي في سياق عام يتسم بتنامي مظاهر الغضب الشعبي في أكثر من منطقة. وعندما نتحدث عن أكادير، فإننا نتحدث بالضرورة عن مجلسها الجماعي الذي يسيره رئيس الحكومة عبر “جهاز التحكم عن بعد” من الرباط، وهو ما يعكس مفارقة صارخة بين الخطاب الرسمي حول الجهوية المتقدمة، والواقع الميداني الذي يكرس مركزية القرار وغياب القرب من المواطن.

وقبل ذلك، شهدت بعض القرى النائية موجات احتجاجية قوية، حيث خرج السكان عن بكرة أبيهم مطالبين بأبسط الحقوق من ماء وكهرباء وطرق ومرافق أساسية. هذه المشاهد، وإن بدت متفرقة جغرافيا، فإنها تعكس في العمق فشل السياسات العمومية في الاستجابة لحاجيات المواطنين، وفشلًا أعمق في تنزيل مقاربة تنموية مندمجة تراعي العدالة المجالية والاجتماعية.

إن تراكم هذه الاحتجاجات لا يمكن قراءته كأحداث معزولة، بل كدليل قاطع على عجز الحكومة بمختلف مكوناتها عن تدبير الشأن العام، سواء من خلال الآليات المحلية (المجالس الجماعية، الإقليمية والجهوية) أو عبر التدبير المركزي. وهو ما يطرح سؤال الجدوى حول الحكامة الترابية وأدوار المنتخبين الذين غالبا ما ينشغلون بالحسابات السياسية الضيقة أكثر من انشغالهم بحاجيات المواطنين الملحة.

سياسيا، تشكل هذه التطورات مؤشرا بالغ الأهمية على مستقبل الاستحقاقات المقبلة. فهي إما أن تربك الحسابات الانتخابية التقليدية وتدفع إلى إعادة ترتيب الأوراق داخل المشهد الحزبي، أو أنها ستزيد من تعميق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات، بما يعنيه ذلك من ارتفاع منسوب العزوف عن المشاركة السياسية.

في المحصلة، يبدو أن رسالة الشارع باتت واضحة: لا مجال لمزيد من الوعود الفضفاضة، ولا لتدبير مرتجل للشأن العام، فالمواطنون ينتظرون حلولا عملية ملموسة تترجم على أرض الواقع لا سيما وان المغرب مقبل على تنظيم تظاهرات عالمية. وإلا فإن شرعية المؤسسات المنتخبة والحكومة معا ستكون على المحك، في لحظة سياسية دقيقة تتطلب أكثر من أي وقت مضى مصارحة حقيقية ومصالحة فعلية مع المواطنين.