الاستثمار بالمغرب تحت المجهر: دراسة تكشف التوجهات والفرص المهدورة

هاشتاغ
كشف مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي في دراسة حديثة قدمها اليوم عن صورة مفصلة لمسار الاستثمار في المغرب موضحا التوجهات الكبرى والنتائج المحققة والتحولات الجوهرية التي تشهدها السياسة الاستثمارية الوطنية في ظل النموذج التنموي الجديد.

وتشير الدراسة إلى أن الاستثمار ظل لسنوات طويلة محورا رئيسيا في استراتيجيات الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع اعتماد الدولة على نفسها كمستثمر أول في مشاريع البنية التحتية والبرامج القطاعية.

ورغم ضخ قرابة 30% من الناتج الداخلي الخام في الاستثمار العمومي، إلا أن مردوديته ظلت دون التطلعات حيث بلغ معدل العائد على الاستثمار نحو 6% مقارنة بـ10 إلى 12% في اقتصادات صاعدة مماثلة مما أبرز الحاجة إلى إعادة النظر في أولويات الاستثمار وربطه أكثر بتحقيق القيمة المضافة وفرص الشغل.

وقد شهد العقدان الأخيران دينامية واضحة على مستوى الكم والكيف مع ارتفاع حجم الاستثمارات الإجمالية إلى أكثر من 410 مليار درهم سنة 2024 حسب الدراسة.

ويشكل الاستثمار العمومي 75% منها في حين لم تتجاوز مساهمة القطاع الخاص 25% وتبرز الصناعة التحويلية وخاصة السيارات والطيران كأبرز المستفيدين حيث حافظ المغرب على موقعه كأول مصدر للسيارات في إفريقيا وارتفعت صادرات مكونات الطائرات بنسبة 22% مقارنة بسنة 2023.

غير أن الدراسة أكدت أن أثر هذه الاستثمارات على التشغيل والعدالة المجالية لا يزال محدودًا مع تفاوت واضح بين الجهات إذ يتركز أكثر من 70% من الاستثمارات في ثلاث جهات كبرى.

وأبرزت الدراسة أن الإشكالات البنيوية سواء القانونية المؤسسية الترابية أو التمويلية لا تزال تشكل عقبة أمام الفاعلية الاستثمارية من بينها التعقيد الإداري،ضعف المراكز الجهوية للاستثمار محدودية العرض الترابي صعوبات الولوج إلى التمويل ونقص الاستثمارات في البحث العلمي والابتكار هذه التحديات تؤكد الحاجة إلى تطوير آليات فعالة لتتبع مردودية الاستثمار وربطه بالنتائج الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.

وفي هذا السياق يمثل ميثاق الاستثمار الجديد (2023) خطوة محورية لإعادة توجيه السياسة الاستثمارية من خلال تعزيز دور القطاع الخاص وتركيز الاستثمار العمومي على البنيات التحتية والخدمات الداعمة للمقاولات، وتبني آليات تحفيزية للجهات الأقل استثمارًا.

كما يهدف إلى خلق 500 ألف منصب شغل جديد في أفق 2026، وتحسين القيمة المضافة الصناعية، وتعزيز السيادة الإنتاجية في قطاعات استراتيجية مثل الصناعات الغذائية، التكنولوجيات النظيفة، والطاقة المتجددة.

وتخلص الدراسة إلى مجموعة من التوصيات الاستراتيجية من بينها ترسيخ الاستقرار القانوني والضريبي تبسيط المساطر الإدارية تعزيز الجاذبية المجالية للمناطق المهمشة تشجيع القطاع الخاص الوطني ربط الاستثمار بالبحث العلمي والابتكار إدماج البعد الاجتماعي والبيئي، وتفعيل قيادة حكومية موحدة لمنظومة الاستثمار لضمان فعالية الموارد وتحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة.