الاستثمار في قبضة البيروقراطية.. هل تقتل الحكومة إصلاحاتها قبل أن ترى النور؟

رغم مرور أسابيع على مصادقة البرلمان على مشروع القانون رقم 22.24، الذي يُفترض أن يشكل تحولًا جذريًا في عمل المراكز الجهوية للاستثمار، إلا أن تنزيله على أرض الواقع لا يزال يراوح مكانه. هذا التباطؤ يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى التزام الحكومة بوعودها في تحسين مناخ الأعمال، تبسيط الإجراءات، وتعزيز دينامية الاستثمار.

هذا التأخير لم يمر دون انتقاد، فقد وجّه النائب البرلماني محمد ملال، عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، سؤالًا كتابيًا مباشراً إلى الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار، مستفسرًا عن الأسباب التي تعرقل تفعيل هذا القانون، رغم المصادقة عليه. وركّز البرلماني على نقطتين أساسيتين: غياب المنصة الرقمية المخصصة لتقديم الملفات الاستثمارية، وتأخر تفعيل رخص الاستثناء في التعمير، وهما عنصران جوهريان يفترض أن يساهما في جذب الاستثمارات وتسهيل عمل المستثمرين.

ويؤكد ملال أن الحكومة لم تقدم أي تبريرات واضحة لهذا التباطؤ، رغم أن القانون يهم بشكل مباشر قطاعي الصناعة والسياحة، اللذين يمثلان قاطرتين أساسيتين لدعم الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص الشغل وجلب العملة الصعبة. فإذا كانت الحكومة تتحدث عن إصلاحات هيكلية، فكيف تبرر هذا التأخير الذي يضرب في العمق مبدأ تسريع الاستثمار وتحفيز رجال الأعمال؟

ويُفترض أن يكون القانون 22.24 خطوة لتعزيز ما تحقق من مكاسب عبر قانون 47.18، خاصة فيما يتعلق برفع مسؤولية المراكز الجهوية للاستثمار، ومنحها مزيدًا من الصلاحيات في اتخاذ القرار، وتتبع تنفيذ مشاريع الاستثمار. كما أنه يهدف إلى تنظيم رخص الاستثناءات في التعمير، وضمان شفافية أكبر في منحها، في سياق يطالب فيه المستثمرون بإجراءات واضحة وفعالة.

التأخر في تطبيق هذا القانون يعرقل ليس فقط المستثمرين، بل يضرب كذلك ثقة الفاعلين الاقتصاديين في جدية الإصلاحات الحكومية، حيث أن الحديث عن “تحفيز الاستثمار” يظل مجرد شعار إذا لم يُترجم إلى إجراءات ملموسة تسهل عمل رجال الأعمال، وتضع حدًا للبيروقراطية الإدارية التي تظل العائق الأكبر أمام الاستثمار في المغرب.