الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)
شغل موضوع حظر شامل لقرارين الرئيس الأمريكي جوبايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على جميع واردات النفط والغاز الروسي بتاريخ 8 مارس 2022 حيزا كبيرا في حقل نظام العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، حيث تواصل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا الضغوطات الاقتصادية على روسيا لوقف غزوها على الأراضي الأوكرانية في ظل مواصلة الخيار الدبلوماسي لكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس خلال اتصالهما بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وذلك تماشيا مع مسلسل العقوبات الاقتصادية ،الدبلوماسية، الرياضية ، الثقافية التي نهجها الغرب سواء تعلق الأمر بتخصيص الكونغريس الأمريكي 12 مليار دولار أو توريد السلاح لأوكرانيا، وكذا الحرب المعلوماتية في مجال الاستخبارات والطلب الغربي الذي قدم إلى بولندا باعتبارها عضوا في حلف النيتو لتقديم طائرات حربية المعروفة بمقاتلات ميغ 29 إلى أوكرانيا من خلال زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس إلى بولندا بتاريخ 10 مارس 2022 ، وتفعيلا لتطورات ومجريات الحرب الأوكرانية بين موسكو وكييف التي ماتزال متسمرة إلى حدود الساعة، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي يشجع على الوساطة الصينية في ظل فشل جميع الجهود الأممية والمساعي السياسية والمحاولات الدبلوماسية من جانب الغرب بقيادة واشنطن، لاسيما عدم نجاح الوساطة الوزارية التركية بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من ناحية، وبين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزير الخارجية الأوكراني دميترو أيفانوفيج كوليبا بتاريخ 10 مارس 2022.
وتجدر الإشارة إلى أن حظر شامل على جميع واردات النفط والغاز الروسي حسب التصريحات الرسمية لكل من واشنطن ولندن سوف يزيد من الضغط على الاقتصاد الروسي من خلال العمل على وقف مواردها الطبيعية بشكل نهائي الذي تعتمد عليها موسكو في نموها وتنميتها بحوالي 70 في المائة، مع العلم أن واشنطن تستورد 8 في المائة من روسيا، هذا فضلا عن عدم استثمار الشركات الأمريكية الطاقية في الأراضي الروسية، في حين أن أوروبا تستورد من موسكو 40 في المائة من الغاز الروسي، خاصة وأن ألمانيا تعد أكبر مستورد فيها بحوالي 55 في المائة، الأمر الذي أدى بالرئيس الروسي إلى انعقاد اجتماع بوتين مع أعضاء الحكومة بشأن إجراءات الرد على عقوبات الغرب وإيجاد بدائل وانفراجات حول التخفيف من هذه الضغوطات الاقتصادية بتاريخ 10 مارس2022.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بحدة هو: كيف سيتم التعامل موسكو مع هذا القرار الأمريكي التي تحاول واشنطن عزلها سياسيا واقتصاديا وعسكريا عن المجتمع الدولي؟ وبعبارة أخرى هل سيسير الاتحاد الأوروبي وألمانيا على وجه التحديد نفس النهج الأمريكي البريطاني في قمة أوروبا بباريس يومي 10 و11 مارس 2022؟.