التعليم الخاص في المغرب.. “شر لا بد منه” يثقل كاهل الأسر

ماريا بنخلدون
بات التعليم الخاص في المغرب مصدرًا متزايدًا للتوتر والاستياء لدى عدد متزايد من أولياء الأمور، الذين يرونه خيارًا مفروضًا نتيجة التدهور المستمر للمدرسة العمومية. وفي ظل ما يعتبره كثيرون غيابًا فعليًا للجودة في التعليم العمومي، تجد الأسر نفسها مجبرة على اللجوء إلى القطاع الخاص، رغم التكاليف الباهظة التي تقتضيها هذه الخطوة.

ولا تقتصر انتقادات الآباء على الرسوم المدرسية المرتفعة فقط، بل تمتد لتشمل طبيعة التسيير التجاري الذي يطغى على هذه المؤسسات. فقد تحولت المدارس الخاصة إلى مجموعات تعليمية منظمة تغطي جميع المراحل، من التعليم الأولي حتى الجامعي، وتتباهى بشراكات مع مؤسسات أجنبية في فرنسا وإسبانيا وإنجلترا. غير أن هذه الشراكات، وفق عدد من المتابعين، لا تتعدى كونها أدوات تسويقية أكثر من كونها روافع أكاديمية حقيقية.

ويشعر العديد من الآباء بخيبة أمل حين يصطدمون بواقع تعليمي لا يرقى إلى مستوى الوعود والشعارات البراقة. ففي كثير من الأحيان، لا تختلف جودة التعليم المقدّم في المدارس الخاصة عن نظيرتها العمومية، سوى في بعض المظاهر الشكلية.

في قلب هذا الجدل، يُطرح تساؤل ملحّ حول دور وزارة التربية الوطنية، التي يُنظر إليها كطرف سلبي في ما يحدث، بل ويُتّهم بعض مسؤوليها بالتواطؤ عبر التغاضي عن جموح المؤسسات الخاصة. فلا توجد مراقبة حقيقية على أسعار التمدرس، التي تعرف ارتفاعًا سنويًا دون أي نقاش أو شفافية، كما لا يتم التدخل للحد من المصاريف الجانبية التي تُثقل كاهل الأسر، مثل الرحلات المدرسية، والأنشطة الموازية، واللوازم المفروضة.

في ظل هذه الأوضاع، يبقى التعليم الخاص في المغرب خيارًا اضطراريًا أكثر منه اختيارًا حُرًا، و”شرًا لا بد منه” تدفع ثمنه الأسر بحثًا عن مستقبل أفضل لأبنائها، في غياب بديل عمومي قادر على كسب الثقة مجددًا.