هاشتاغ/خ.أ
تشهد تربية الإبل في المغرب تراجعاً مقلقاً بسبب موجات الجفاف المتكررة وتراجع المراعي الطبيعية، وهي عوامل ترتبط مباشرة بتفاقم آثار التغير المناخي.
ورغم أن الإبل تمثّل أحد الأعمدة الأساسية للحياة في المناطق الصحراوية—توفر الغذاء، وتؤمّن دخلاً مهماً للرعاة، وتُعدّ عنصراً جاذباً للسياحة—إلا أن المربين يؤكدون أن هذا التراث بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى.
في سوق أمهيـريش قرب مدينة كلميم، أكبر سوق للإبل في المغرب، يلتقي مربّون من مختلف المناطق، محمد، مربي إبل في الثلاثينات من عمره، يقول إن الإبل ليست مجرد مصدر رزق: “الإبل مثل الأبناء… جزء من ثقافتنا وهويتنا.
أجمل هدية يمكن أن تقدّمها لساكنة الصحراء هي جمل.” لكن السنوات الأخيرة حملت تحديات جديدة؛ فالمراعي التي كانت تمتد على مساحات شاسعة تقلّصت بشكل كبير، فيما أجبرت موجات الجفاف المربين على شراء الأعلاف بأسعار مرتفعة.
مولوّد، مربٍ آخر، يؤكد أن تكلفة تربية الإبل تضاعفت، وأن نقص الرعاة المحليين يدفعهم إلى استقدام يد عاملة من موريتانيا، بتكاليف تصل إلى 300–400 يورو شهرياً.
إلى جانب الضغوط المناخية، تتقلص مجالات الرعي بسبب توسع الأنشطة الزراعية المعتمدة على المياه الجوفية. ورغم أن المغرب يعتمد أساساً على الإبل لإنتاج اللحوم—بحوالي 4000 طن في 2023—إلا أن القطاع بات أقل قدرة على مواجهة الجفاف مقارنة بدول أخرى مثل كينيا، حيث بدأ المربون يستبدلون الأبقار بالإبل لمقاومتها الظروف القاسية وقدرتها على إنتاج كميات مضاعفة من الحليب مع استهلاك أقل للماء.
تراجع الإبل في المغرب لا يمثّل فقط خسارة اقتصادية، بل أيضاً تهديداً لإرث ثقافي عميق الجذور في المجتمع الصحراوي.
وبين قسوة المناخ واستنزاف المراعي، يجد مربّو الإبل أنفسهم أمام سؤال مصيري: كيف يمكن حماية هذا الموروث قبل أن يصبح جزءاً من الماضي؟






