هاشتاغ
يبدو أن رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، قد اختار السير في طريق شائك لا يخلو من الغبار، حين صرح بأنه سيحضر “كيسا من الدقيق” إلى لجنة المالية بالبرلمان ليثبت للجميع أن الدقيق المدعم لم يعد يصلح حتى للخبز. تصريح أحدث زوبعة، خصوصا بعدما كشف أن ما قاله عن “طحن الورق بدل القمح” كان مجرد تعبير مجازي، لم يفهمه الصحافيون، حسب قوله.
لكن خلف هذا “المجاز” تختفي حقائق محرجة: فالتهم لم تعد تدور حول رداءة الجودة فقط، بل تجاوزتها إلى شبهات التلاعب في الفواتير، من أجل الحصول على الدعم العمومي المخصص للمطاحن.
بعبارة أخرى، نحن أمام ملف فساد مركب، يلتقي فيه “طحّانون” و”مستفيدون” و”مراقبون غائبون”، كلٌّ يطحن نصيبه من الورق والمال.
والمثير أن ما قاله التويزي اليوم ليس جديدا تماما؛ فقد سبقه إليه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حين اتهم شركات المحروقات بأنها كانت تقدم الورق لصندوق المقاصة وتحصل مقابله على الملايير من الدراهم دون حسيب ولا رقيب.
نفس المعنى، نفس الإيحاءات، ونفس النتيجة: الورق يتحول إلى مال، والدولة تكتفي بالمشاهدة.
التويزي، من موقعه كأحد ركائز الأغلبية، لم يهاجم المطاحن فقط، بل وجّه اتهامًا ضمنيًا للحكومة التي يشارك فيها حزبه، معتبرا أنها عاجزة عن مراقبة صرف الدعم العمومي، رغم أنها الوصية على صندوق المقاصة.
إنه اتهام من داخل البيت، قد يحرج رفاقه في “البام” أكثر مما يحرج خصومه.
لكن الأكثر سخرية في المشهد هو أن رئيس نواب البام، الذي قدّم توضيحًا يقول فيه إن “طحن الورق” مجرد استعارة، قد يجد نفسه مضطرا لتقديم توضيحٍ ثالثٍ يتبرأ فيه من التوضيح الثاني!
فما دام “المجاز” يُفسَّر على مقاس الموقف، فإن الحقيقة تبقى وحدها بلا تفسير.
في النهاية، سواء كان “الورق” مطحونًا أم مختوما على الفواتير، فإن المغاربة ينتظرون تحقيقا جديا، لا مجازا لغويا جديدا، يطحن ما تبقى من ثقة المواطنين في مؤسسات الرقابة والدعم العمومي.






