ماريا الزهر
في مشهد سياسي مغربي متقلب وغير مستقر، تبدو الحركة الشعبية وكأنها تعيد صياغة موقعها داخل الخارطة الحزبية، ولكن ليس عبر تجديد الخطاب أو ضخ دماء جديدة، بل من خلال الاقتيات على الهامش، حيث تعمد إلى استقطاب أسماء تم طردها أو التبرؤ منها داخل أحزابها الأصلية، أو تلك التي وجدت نفسها خارج أجهزة القرار السياسي.
فخلال الفترة الأخيرة، استقبلت الحركة الشعبية رفاق حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، الذين تم لفظهم من طرف حزب جبهة القوى الديمقراطية بعد فترة قصيرة من التحاقهم به. ويبدو أن الحركة وجدت في هؤلاء فرصة لإعادة تموضعها، مستفيدة من تجاربهم السياسية السابقة، حتى وإن كانت مثيرة للجدل.
الأمر لا يقتصر على “رفاق شباط”، بل يمتد إلى عبد الحكيم أبوالغالي، أحد الوجوه البارزة سابقاً في حزب الأصالة والمعاصرة، والذي أصبح اليوم خارج المنظومة الرسمية للحزب. وها هو اليوم يجد موطئ قدم جديد داخل الحركة، التي تسعى – حسب البعض – إلى ملء الفراغ التنظيمي بما تيسر من “المغضوب عليهم” أو “المنبوذين سياسياً”.
وفي خطوة تحمل أبعاداً سياسية وتنظيمية واضحة، أعلنت الحركة الشعبية عن تأسيس “التحالف الشعبي”، الذي يضم بالإضافة إليها الحزب الديمقراطي الوطني وحزب المغربي الحر. تحالف يبدو أنه وُلد من رحم التهميش السياسي، أو ربما من محاولة يائسة لإعادة الحياة إلى كتل سياسية فقدت بريقها.
غير أن التساؤل الجوهري يبقى مطروحاً:
هل الاقتيات من هامش الأحزاب الأخرى، سيُعيد للحركة الشعبية وهجها السياسي المفقود؟
يذهب بعض المراقبين إلى أن استقطاب العناصر المُهمّشة أو المُبعدة من أحزابها، قد يُثقل كاهل الحركة أكثر مما يُقويها، إذ أن هؤلاء غالباً ما يحملون معهم أزمات سابقة وتصورات متناقضة، وقد يُعمقون أزمة هوية الحزب بدل أن يكونوا فرصة لتجديده.
في المقابل، يرى آخرون أن الحركة قد تنجح في إعادة تشكيل ذاتها كجبهة ثالثة في المشهد السياسي المغربي، خاصة في ظل ضعف عدد من الأحزاب التقليدية، واحتراق أوراق أخرى بسبب تدبيرها الحكومي.
في كل الحالات، يبقى مستقبل الحركة الشعبية رهيناً بقدرتها على تحويل هذا “الهامش السياسي” إلى قوة اقتراحية وتنظيمية حقيقية، وإلا فإنها قد تتحول إلى ملاذ انتقالي مؤقت لكل من لفظته الأحزاب، دون أن تقدم شيئاً يُذكر للمشهد السياسي المغربي.