بعد تأجيل دام لأسابيع، مررت الحكومة في اجتماعها يوم الخميس مشروع القانون 23-54 بتغيير وتعديل القانون 00-65 المتعلق بالتأمين الإجباري عن المرض، وبسن أحكام خاصة، دون اكتراث للردود الرافضة على نص المشروع، الذي قوبل بمعارضة من طرف النقابات والتعاضديات. إذ اعتبرت نقابة الاتحاد المغربي للشغل أن هذا المشروع بمثابة “تصرف أحادي ينافي المبادئ الدستورية التي تفرض المقاربة التشاركية في سن السياسات العمومية الاجتماعية”.
ودعت الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى “طرح مشروع القانون 23-54 للتداول مع جميع الفاعلين المعنيين بالموضوع وفتح حوار جدي ومسؤول بشأنه مع الفرقاء النقابيين والقطاع التعاضدي”.
واستنكرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ما اعتبرته انفراد الحكومة بإعداد هذا القانون ورفضت “مضامينه التراجعية التي ستجهز على مكتسبات وحقوق الموظفين وذوي حقوقهم”.
وجهت تسع تعاضديات إلى رئيس الحكومة مراسلة، تبلغه فيها أن مشروع القانون 23-54 لا ينسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تطوير النظام التعاضدي وإشراك التعاضديات في المشاريع الاجتماعية، ويخالف مقتضيات الفصل 31 من الدستور.
وفي مقابل إلغاء الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ودمجه بشكل مطلق في نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أبقى نص المشروع على وجود التعاضديات مع تكليف الصندوق بدور المنسق.
وتنص المادة 18 من المشروع بقانون 23-54 على التخلي عن “الكنوبس” دون إعطاء أي توضيحات في المذكرة التقديمية للمشروع، خاصة وأن النموذج الجديد للتنمية يتحدث عن إدماج “الكنوبس” والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مؤسسة واحدة. وكان يسود الاعتقاد أن الصندوق المغربي للتأمين الصحي هو المعني بدمج “الكنوبس” ومديرية التأمين الإجباري عن المرض بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
كما حل المشروع المجلس الإداري “للكنوبس” ونسخ المادة 85 التي تنظم تسييره وأحال اختصاصاته للمجلس الإداري للضمان الاجتماعي، رغم أن هذا الصندوق يتوفر على أربع مجالس إدارية مختصة بكل نظام للتأمين الإجباري عن المرض (أجراء القطاع الخاص، المستقلون، تضامن، الشامل)، وهو ما يعارض هيكلة التأمين الإجباري عن المرض ويقلل من دور القطاع العام الذي سيبث في أموره مجلس إداري مخصص لأرباب المقاولات وممثلي أجراء القطاع الخاص، وفقًا للمادة 3 من مشروع القانون 23-54، حسب ملاحظات معارضي المشروع.
كما قررت الحكومة التخلي عن التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالطلبة، استنادًا إلى تجربة فرنسية، وذلك دون تقييم للتجربة التي استمرت 8 سنوات. بالمقابل، تم توزيع الطلبة المعنيين على “أمو تضامن” أو باقي الأنظمة إذا كانوا خاضعين لها كذوي الحقوق.
وقد ارتكب واضعو هذا المقترح، حسب نفس الجهات، ثلاثة أخطاء. أولاً، أن إخراج الطلبة من هذا النظام الذي يوفر لهم نفس سلة العلاجات ونسب تغطية الخدمات بالقطاع العام سيجعلهم يستفيدون من نسب تغطية أقل في “أمو تضامن” أو باقي الأنظمة.
بل إن المادة 15 من هذا المرسوم تتحدث عن استفادة الطلبة الأجانب “بكيفية تلقائية من نظام التأمين الإجباري عن المرض للطلبة” مع أنها نسخت هذا القانون في المادة 13. علاوة على ذلك، من المرجح أن يفرغ الطلبة في “أمو الشامل” بسبب استخدامهم للهواتف الذكية والحواسيب، مما سيرفع مؤشرهم، كما قد يُحرمون من التأمين الإجباري عن المرض إذا لم يسجل أوليائهم في هذا التأمين.