هاشتاغ _ محسن النياري
بينما تُغرق شركات الاتصالات في المغرب الأسواق بحملات دعائية مكثفة تعد بتجربة اتصال “فائقة الجودة” وخدمة إنترنت “لا مثيل لها”، يتفاجأ المغاربة بأن الواقع مختلف تمامًا، إذ أنه وسط إعلانات مبهرة وشعارات براقة، تكمن الحقيقة المُرّة، خدمات دون المستوى، انقطاعات متكررة، وتغطية ضعيفة في العديد من المناطق، ما يثير التساؤل حول مدى مصداقية هذه الشركات.
تعتمد شركات الاتصالات الكبرى على إعلانات جذابة للوصول إلى الزبناء، مستغلة احتياجاتهم المتزايدة للاتصال السريع، ولكن في الوقت الذي تُعرض فيه وعود بـ”سرعات قياسية” و”تغطية واسعة النطاق”، تُظهر التجربة اليومية للمستهلك المغربي ضعفًا في الشبكة، خاصة في المناطق القروية والنائية، حيث لا تزال العديد من المناطق تعاني من غياب التغطية بشكل شبه كلي، مما يعكس التفاوت الكبير بين وعود الشركات وما تقدمه فعليًا.
فالمغاربة لم يبقوا صامتين أمام هذا الوضع، فقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة للاحتجاج وتبادل الشكاوى حول ضعف الخدمات المقدمة، حيث يعبّر المستخدمون يوميًا عن استيائهم من انقطاعات الشبكة وضعف سرعة الإنترنت مقارنة بالتكاليف العالية التي يدفعونها.
في هذا السياق، وجه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف الزعيم سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصناعة والتجارة حول مصداقية الحملات الإعلانية لشركات الاتصالات ومدى التزامها بتقديم خدمات تتطابق مع الوعود المعلنة.
وأثار الزعيم في مراسلته جملة من القضايا الشائكة، أبرزها ضعف صبيب الإنترنت، التأخير المتكرر في تفعيل الاشتراكات، وغياب شبه تام للاستجابة الفعالة من طرف هذه الشركات عند تقديم شكاوى. مطالبا بالكشف عن التدابير الرقابية التي تتخذها الوزارة لضمان احترام الشركات لالتزاماتها تجاه المستهلك، وعن الإجراءات المزمع تنفيذها لمعالجة الاختلالات المتكررة التي يواجهها المواطنون يوميًا.
ومع ضعف الرقابة من الجهات الوصية، يبدو أن شركات الاتصالات تعمل بحرية دون محاسبة حقيقية على مستوى الخدمات المقدمة، حيث أنه رغم الوعود الحكومية بالعمل على تحسين البنية التحتية للاتصالات وضمان العدالة الرقمية، فإن التغيير لا يزال بطيئًا وغير ملموس.
ورغم الواقع القاتم، يمكن للمستهلك أن يكون جزءًا من الحل، إذ أن الوعي المتزايد بحقوق الزبناء قد يدفع إلى تحركات أكثر جدية للمطالبة بإصلاحات حقيقية، حيث أن الجهات المعنية مطالَبة بممارسة دورها في مراقبة جودة الخدمات وإلزام الشركات بالوفاء بوعودها.
ليبقى السؤال في نهاية المطاف، هل تستمر هذه الشركات في تضليل المغاربة أم أن المستهلك سيكسر هذا الصمت ويفرض معايير جديدة لخدمات الاتصالات في البلاد؟.