بقلم: عبد القادر حبيب الله
الخطوط الملكية المغربية، تلك المؤسسة التي يُفترض أن تكون رمزًا للسيادة والفخر الوطني، تحولت في أعين الكثيرين إلى كابوس مزمن يعكس كل مظاهر الفشل والارتجال. من كان يظن أن ناقلًا وطنيًا، يُموَّل بسخاء من أموال الشعب، سيصل إلى هذا المستوى من الإهمال والتخبط؟
كيف لشركة تُسوق نفسها كواجهة حضارية أن تفشل في أبسط المهام؟ ضياع الأمتعة بات أمرًا معتادًا، وكأن أمتعة المسافرين أصبحت أشباحًا تتبخر في الهواء. التأخير في التسليم، عدم تقديم اعتذارات لائقة، بل وحتى غياب أي تعويضات تليق بحجم الأضرار. أليس من المعيب أن يعاني المسافر المغربي في كل رحلة كأنه في مغامرة غير محسوبة العواقب؟
أما أسعار التذاكر، فهي قصة أخرى من قصص الجشع والاستخفاف. كيف يمكن لشركة تدّعي خدمة المواطنين أن تتعامل معهم كمصدر للربح فقط؟ المغاربة المقيمون بالخارج، الذين هم رئة الاقتصاد الوطني، يجدون أنفسهم مضطرين لدفع أسعار خيالية للعودة إلى وطنهم. أهذا هو شكل الترحيب الذي تقدمه لارام لهم؟ أم أن الوطنية أصبحت سلعة تباع وتشترى بأرقام فلكية؟
ما يحدث داخل المطارات وعلى متن الطائرات أكثر إثارة للغضب. سوء معاملة المسافرين أصبح قاعدة لا استثناء. شكاوى متكررة، صرخات تتعالى، وموظفون يتعاملون مع الركاب وكأنهم أرقام بلا قيمة. أليس من حق المواطن أن يُعامل بكرامة واحترام؟ أم أن لارام ترى في المسافرين مجرد عبء يجب التخلص منه بأسرع وقت ممكن؟
الإدارة الحالية، بمن فيها من مسؤولين يختبئون خلف مكاتبهم الفخمة، تتحمل كامل المسؤولية. لا أعذار، لا تبريرات. الدعم الحكومي الذي يتدفق إلى الشركة بلا توقف لم يعد سوى وسيلة لتمويل الفشل. كيف تُبرر الحكومة استمرار هذا النزيف المالي؟ أين المحاسبة؟ وأين الرقابة؟ أم أن لارام أصبحت “بقرة حلوب” يستفيد منها البعض على حساب المصلحة العامة؟
إلى متى ستستمر هذه المهزلة دون حسيب أو رقيب؟ إلى متى ستظل الخطوط الملكية المغربية تستنزف أموال الشعب دون أن تقدم أدنى مستويات الخدمة اللائقة؟ لقد بلغ السيل الزبى، والمواطن المغربي الذي يُموِّل هذه المؤسسة من جيبه لم يعد يحتمل هذا العبث. الأعذار انتهت، والتبريرات واهية. ما نحتاجه اليوم ليس خططًا وهمية أو شعارات جوفاء، بل قرارات حاسمة وحملة تطهير جذرية. إذا لم تتحرك الحكومة الآن لوضع حد لهذا الانهيار، فإنها ستكون شريكة في الجريمة. الثقة التي تحطمت لن تُرمم إلا بمحاسبة المسؤولين عن هذا الفشل الذريع، وإعادة هيكلة شاملة تنقذ ما تبقى من سمعة الشركة. مستقبل “لارام” يجب أن يكون على المحك، وإلا فإنها ستبقى رمزًا للخيبة ووصمة عار في جبين كل من يديرها أو يبرر فشلها.