الداخلية تشن حرباً على المنتخبين الأشباح وتعلن نهاية زمن الغياب والتهاون

في خطوة حازمة طال انتظارها أطلق وزارة الداخلية المغربية حملة غير مسبوقة لمحاربة ما يُعرف بـ”المنتخبين الأشباح” داخل المجالس الجماعيةبعدما تحولت ظاهرة الغياب المتكرر وغير المبرر للمنتخبين إلى معضلة حقيقية تُهدد السير العادي للمؤسسات المنتخبة وتُعيق تنفيذ المشاريع التنموية في عدد من الجماعات.

وجهت المديرية العامة للجماعات الترابية أوامر صارمة إلى رؤساء الجماعات المحلية تقضي بضرورة إعداد قوائم حضور دقيقة خلال جميع الدورات العادية والاستثنائية، تحت إشراف مباشر من الولاة والعمال، في محاولة لإعادة الانضباط إلى قاعات المجالس، التي طالما خلت من أصحاب القرار.

منذ انتخابات 2021، تكشّفت ظاهرة الغياب المزمن لمجموعة من المنتخبين، خاصة في أقاليم النواصر وبرشيد ومديونة، حيث فشلت بعض المجالس في تأمين النصاب القانوني لعقد الجلسات، مما أدى إلى شلل شبه كامل في بعض الجماعات وتأجيل مشاريع حيوية تهم المواطن بشكل مباشر.

ورغم وضوح القانون التنظيمي رقم 113.14، الذي يُلزم المنتخب بحضور جلسات المجلس ويُقر بإقالته في حال تغيّبه دون مبرر عن ثلاث دورات متتالية أو خمس متفرقة، إلا أن تطبيقه ظلّ حبراً على ورق، في ظل تساهل بعض رؤساء الجماعات وتغاضيهم المتكرر عن تفعيل الآليات الزجرية.

وتتعالى داخل المجالس أصوات المعارضة، التي لم تعد تخفي استياءها من حالة “اللا عقاب” التي يستفيد منها بعض نواب الرؤساء، الذين لا يكتفون بالغياب، بل يستمرون في تقاضي تعويضات شهرية دون أداء أي مهام، وفي بعض الحالات، يمتد هذا الوضع لسنوات دون حسيب أو رقيب.

الغياب المزمن للمنتخبين لا يُعد خللاً إدارياً فقط، بل يُمثل انهياراً تدريجياً لمفهوم الديمقراطية التشاركية، ويُكرّس الفساد المؤسساتي، ويهدر المال العام، ويُغذي مشاعر الغضب وانعدام الثقة لدى المواطنين. إذا استمر هذا التساهل، فإن شرعية المؤسسات المنتخبة نفسها ستكون على المحك.

اليوم، يجد المغرب نفسه أمام منعطف حاسم: إما تفعيل حقيقي للقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة، أو استمرار الانحدار نحو مجالس محلية مشلولة وفاقدة للثقة الشعبية. فهل تكون هذه الحملة بداية لنهاية “عهد الأشباح” وبداية مرحلة جديدة من الجدية والانضباط؟ أم أن دار لقمان ستبقى على حالها؟