الديون غير المحصلة من طرف الاتحاد الاشتراكي

علي الغنبوري

انفتحت اليوم عقدة الالسن، و برزت داوخل الانفس، و بات الكل يتنفس حرية و ديمقراطية، و اصبح الجميع اليوم في خندق واحد، و الهدف هو تصويب كل الاسلحة في اتجاه الاتحاد الاشتراكي، جازمين انه هو الضحية المفترضة لهذه المرحلة البئيسة.

هذا الكل يريد اليوم ان يلبس الاتحاد كل الكبوات و العثرات الاجتماعية و السياسية التي عاشها و يعيشها المغرب، و يضع بصمته عليها، معتبرين انه المسؤول الوحيد و الاوحد على كل ما يحصل، دافعين بنظرية الجزاء على الجناية التي لم ترتكب.

و لئن الاتحاد ليس مثل هذا الكل لا شكلا و لا مضمونا، و لانه اعتاد على المواجهة منذ نشأته، بطبيعة الحال مواجهة التحريف و التزييف و الكذب، فمن حقنا ان نوجه لهم السؤال حول ما قام به الاتحاد في حق الشعب المغربي و في حق السياسة الوطنية بجميع اتجاهاتها و مستوياتها؟ لنستخلص معهم الحقائق و لنتوصل معهم للنتيجة التي تدحض ادعاءاتهم .

فعندما كان القمع و الترهيب و السجون و منصات الاعدام موجهة لرقاب من يسل لسانه للجهر بحقيقة الظلم الممارس في حق الشعب المغربي، لم يكن سوى الاتحاد يواجه هذا المصير المخصب بالدماء ، دافعا من حياة مناضليه و من سنوات عمرهم في غياهب السجون، و من مستقبل اسره و ابناء مناضليه ، في حين كان جزء من هذا الكل الذي يحاول اليوم لف الحبل حول عنق الاتحاد اليوم، يتمرغ في نعم الولاء، بل يشرف شخصيا على ممارسة السادية القمعية على ابناء الشعب المغربي.

و عندما كانت السياسات التفقيرية و التجويعية للشعب المغربي تخرج من دهاليز مكاتب من يتشدق اليوم بالحرية، كان الاتحاد الاشتراكي في ساحات النضال، يقف سدا منيعا لاقرارها و فرضها.

و حتى اهل العشيرة من اليسار الذين اختار بعضهم او اغلبهم الانخراط في صفوف حزب “الثورة المنقلبة على بطنها”، و الذين لا يتوانون اليوم في لفض كل ما يخالج قلوبهم المليئة بالحقد اتجاه الاتحاد، كان هذا الاتحاد هو من يدافع عنهم و هو من يدود عنهم و هو من يلفهم بذراعييه لحمايتهم من نفس جرار القمع الذي ركبوه اليوم.

و عندما كان القمع يخيط بعناية ثوب المؤسسات تاركا في الخلاء مهمة تاطير المجتمع، لم يتوانى الاتحاد على بناء كل مؤسسات التأطير الوطني و الشعبي، من نقابات و جمعيات و اتحادات للكتاب و المهندسين و الصحافة و التجار و المهنيين ووو .

و عندما كانت الاختيارات اللاوطنية و العبثية تخترق صفوف “اليسار “، نادى الاتحاد الاشتراكي بالنضال الديمقراطي و بالعمل داخل المؤسسات، ليتبين لهؤلاء اليوم صحة ما اختاره الاتحاد منذ عقود من الزمن، بعدما قالوا في الاتحاد ما لم يقله حتى القمع و من كان يدور في فلكه

و حتى عندما وضع الاتحاد كل هذا الماضي الاليم الذي دفع فيه من جلده و لحمه، للببدء في تجربته الحكومية، فانه تسلم بلدا مريضا معلولا وصل الى حافة الافلاس، عمل بكل قوته و زخمه السياسي و التنظيمي على إعادته الى سكته الصحيحة اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا.

و رغم كل ما عاشه الاتحاد الاشتراكي من تصدعات و صراعات تنظيمية اضرت بجسده بشكل كبير، فهو لم يسجل عليه يوما ان انخرط في مضرة للشعب المغربي خلال طول مدة عمله الحكومي ، فالاتحاد :

لم يلغي صندوق المقاصة ،و لم يعمل على الزيادة في الاسعار، و ضرب القدرة الشرائية للمواطنيين

ولم يعذب او يسجن او يسحل المواطنين في الشوارع ،و لم يوافق يوما على هذه الاعمال، بل كان دائما في طليعة من يدينها و يستنكرها.

لم يطالب يوما الشعب المغربي “اللي بغا يقري ولادو يحرك جيبو”، ولم يقل لهم انه ان الاوان لترفع الدولة يدها عن قطاع الصحة.

لم يعرب التعليم و يخربه ، و بعث بابنائه و ابناء مناضليه الى البعثاث الاجنبية ليتلقوا تعليما اجنبيا يضمن لهم رغد العيش.

ولم يضرب يوما الطبقة المتوسطة و سعى الى تفقيرها جهارا كما فعل البعض عبر الاقتطاع من الاجور والرفع من الضرائب.

لم يجرم الاضراب و اقتطع من اجور من تمتع و مارس هذا الحق.

لم ينكر يوما حق المعطلين في التوظيف و نعتهم بعديمي الكفاءة و اقسم بأغلض الايمان انهم لن يتمتعوا بحقوقهم.

لم يتابع الصحفيين و يسجنهم و يطلب منهم المقابل المادي رغم كل ما قيل في حقه و ما حيك ضده من مؤامرات اعلامية تبث بالدليل و الحجة مكرها.

لم يتواجه مع الاطباء و المعلمين، و انكر حقوقهم و سفه نضالاتهم.

اليوم الكل نسى او تنسى خطاياه و اراد ان يلطخ هذه الصفحة البيضاء للاتحاد بتسريب دنيء لوثيقة متجاوزة لمشروع قانون كان هدفه الاساسي منع العبث المتواصل داخل منصات التواصل الاجتماعي، رغم ان الحزب و كل مكوناته ادانت هذه الوثيقة و عبرت عن تعارضها مع قيم و مبادئ الحزب.

ان سلك طريق الوقيعة بين الاتحاد الاشتراكي و الشعب المغربي، هو طريق طريق مسدود بواقع اعمال و تضحيات و ممارسة الاتحاد الاشتراكي، حيث لا يمكن لاحد ان يمضي في هذا الطريق، لانه للاسف لن يجد الزاد الذي سيلجأ اليه طول هذه المغامرة الخاسرة.

ان كل ما يمكن ان يلام عليه الاتحاد او بمعنى اصح فان كل اخطاء الاتحاد كانت في حق نفسه، و في حق تنظيمه و جسده الذي انهكته صراعات طويلة و متتالية منذ نشأته و ليست وليدة اليوم ساهم فيها الجميع بدون اسثناء.

هذه الاخطاء التي عاشها الاتحاد كانت على حساب الاتحاد نفسه و لم تكن على حساب الشعب المغربي، و على تضحياته و مساهماته الكبيرة اتجاهه ، و هو ما يفرض عليه اليوم تجاوزها و حلها بما يضمن تعافي جسده و تنظيمه بهدوء و عمق و باحترام لكل مكوناته و ابنائه ، بعيدا على المزايدات و تقاذف المسؤوليات، التي يتقاسمها الجميع.

ان من يدفعون اليوم بتحميل الاتحاد ثقل ما تعيشه البلاد من كبوات و اخطاء، يجب ان يفهم جيدا ان ديونهم كثيرة و متعددة اتجاه الاتحاد ، رغم انه لا يطالب بها و لا يزايد بها و لا يسعى الى تحصيلها لانه يؤمن بما قاله قائده الخالد عبد الرحيم بوعبيد ” فإننا نشعر جميعا باطمئنان على أن ما أسديناه من أجل الوطن ليس هو الكمال، ولكن أن الذي أسديناه خرج من صميم الفؤاد، طاهرا، نقيا، يريد خدمة الشعب والأمة والمصلحة العامة ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *