الرباط تتسلح بالشبحية.. صدمة في مدريد وسباق في المتوسط

هاشتاغ _ الرباط

تعتبر مساعي المغرب لاقتناء طائرات “إف-35” (F-35) خطوة غير مسبوقة في سياق سباق التسلح الذي يشهده شمال إفريقيا. هذا الطموح المغربي يتجاوز تأثيره حدود المملكة ليصل إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، حيث يثير قلقاً داخل الأوساط الإسبانية.

وتناولت صحيفة “لا رازون” الإسبانية هذا الموضوع بعمق، مؤكدة أن إتمام صفقة بيع مقاتلات الجيل الخامس بين واشنطن والرباط سيمثل تحولاً كبيراً في مجال الطيران العسكري الإفريقي، مع تأثيرات محتملة على توازن القوى في المنطقة.

ويحمل امتلاك المغرب لهذه الطائرات المتقدمة معه تداعيات استراتيجية كبيرة، خصوصاً في علاقته مع إسبانيا، حيث أنه وفقاً للتقرير، فإن تقنيات التخفي والقدرات الهجومية التي تتميز بها مقاتلات “إف-35” تمنح المغرب تفوقاً نوعياً على القوات الجوية الإسبانية، التي تعتمد بشكل رئيسي على طائرات “يوروفايتر تايفون” و”إف-18″.

وتمتلك هذه الطائرات الحديثة قدرة على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ كروز بعيدة المدى، مما يمكنها من استهداف أهداف استراتيجية داخل الأراضي الإسبانية. كما أن أجهزة الاستشعار المتطورة التي تمتاز بها “إف-35” تعزز قدرة المغرب على جمع المعلومات الاستخباراتية حول الأنشطة العسكرية الإسبانية.

قد تدفع هذه التحولات المحتملة إسبانيا إلى إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية. الخيار الأكثر وضوحاً هو تسريع تحديث أسطولها الجوي، مثل دمج أنظمة رادار متطورة في طائرات “يوروفايتر”، بالإضافة إلى إمكانية اقتناء عدد محدود من طائرات “إف-35”.

ومن بين السيناريوهات المطروحة، تفكر إسبانيا في شراء 12 طائرة من طراز “إف-35 بي” لتحل محل طائرات “هارير” القديمة، إلى جانب تعزيز التعاون العسكري مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

وعلى المستوى الإقليمي، فإن حصول المغرب على هذه الطائرات قد يفتح الباب أمام سباق تسلح في شمال إفريقيا. الجزائر، التي تعتبر خصماً تقليدياً للمغرب، قد تسعى إلى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة هذا التفوق المحتمل. في الوقت نفسه، قد تسهم هذه الخطوة في توترات جديدة بين المغرب وإسبانيا، خاصة في ظل القضايا الخلافية المستمرة مثل مدينتي سبتة ومليلية.

وتلعب العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة دوراً محورياً في هذا السياق. المغرب يُعتبر حليفاً استراتيجياً لواشنطن في شمال إفريقيا، ويأتي تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين في إطار شراكة واسعة تشمل مكافحة الإرهاب والأمن البحري. كما أضاف تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل عام 2020، بوساطة أمريكية، بعداً جديداً للتعاون العسكري، حيث دعمت إسرائيل، التي تمتلك بالفعل مقاتلات “إف-35″، هذا التوجه المغربي انطلاقاً من مصالح أمنية مشتركة تشمل مواجهة التهديدات الإقليمية وإيران.

وتتجاوز التداعيات المحتملة لهذه الصفقة البعد الثنائي بين المغرب وإسبانيا، حيث إن تعزيز القدرات العسكرية المغربية بدعم أمريكي وإسرائيلي يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية، حيث أنه بالنسبة للولايات المتحدة، يمثل بيع هذه الطائرات فرصة لتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، ما ينسجم مع مصالحها الاستراتيجية في مكافحة الإرهاب وضمان الاستقرار الإقليمي.