الرباط.. عاصمة المملكة بين رمزية الدولة ومأزق الفساد المحلي

ماريا الزهر
في قلب المملكة حيث تتركز مؤسسات الدولة وتنبض شرايين القرار السياسي والإداري، تقف الرباط – عاصمة المغرب – في وضع محرج لا يليق بمقامها، بعد أن تحولت إلى عنوان لأعطاب التدبير المحلي واختلالات الحكامة.

ففي وقت يُفترض فيه أن تشكل الرباط نموذجاً يُحتذى به لباقي مدن المملكة من حيث الشفافية، الكفاءة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، تجد نفسها اليوم تتصدر العناوين بسبب اعتقالات وتوقيفات في صفوف مسؤولين وموظفين جماعيين على خلفية شبهات تتعلق بالفساد وسوء التدبير.

ليست هذه مجرد أحداث عابرة أو معزولة، بل مؤشر على أزمة عميقة تضرب قلب مؤسسة منتخبة كان يُفترض أن تجسد أعلى معايير الديمقراطية المحلية، والمفارقة المؤلمة أن العاصمة بما تحمله من رمزية وطنية تعاني من اختلالات تدبيرية مشابهة – وأحياناً أكثر حدة – من تلك التي تعرفها مدن الهامش أو المناطق الأقل حظاً من حيث الموارد والمؤسسات.

الرباط ليست كأي مدينة أخرى. إنها مركز السيادة ومقر رئاسة الدولة، وساحة احتضان القرارات الكبرى، ومكان إقامة التمثيليات الدبلوماسية والمنظمات الوطنية والدولية.

بهذا المعطى لا ينتظر من تدبيرها المحلي سوى أن يكون في طليعة الممارسات الجيدة التي تتوافق مع روح الدستور ومضامين الإصلاح الإداري.

لكن الواقع يصدم. حيث تحوّل المجلس الجماعي في كثير من جوانب تدبيره إلى مسرح لصراعات حزبية وتحالفات ظرفية وتعيينات تفتقر في أحيان كثيرة إلى معايير الكفاءة والمصلحة العامة ما يهدد صورة العاصمة ويقوّض ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة ويبعث برسائل خاطئة لباقي جهات المملكة.

السؤال المطروح بإلحاح اليوم: كيف لمدينة بحجم ومكانة الرباط أن تغدو رمزاً لسوء الحكامة، في وقت تراهن فيه الدولة على ترسيخ اللامركزية وتوسيع صلاحيات الجماعات الترابية؟ وكيف يمكن إقناع المواطنين بجدوى الإصلاح السياسي والمؤسساتي، بينما العاصمة نفسها تُدار بمنطق “الغنيمة” لا بمنطق “المسؤولية”؟

الخلاصة هو أن الرباط لا تستحق أن تكون مرآة للفشل، بل نافذة على الأمل. والأمل ممكن فقط إن توفرت الجرأة في التغيير.