بعد غياب طويل عن قطاع الصحة، عادت نبيلة الرميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، من الظلال لتخطف الأضواء. هذه العودة لم تكن عادية، بل تزامنت مع حدث لوزير الصحة والحماية الاجتماعية الجديد، أمين التهراوي، الذي يشترك معها في الانتماء لحزب التجمع الوطني للأحرار، وذلك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء يوم الأربعاء 6 نونبر. وقد شهد الحدث إطلاق خدمات مركز لتصفية الدم في عمالة مقاطعات الدار البيضاء آنفا، لكن الحضور المفاجئ للرميلي كان هو المحور الذي جذب الأضواء، خاصةً بعد غيابها عن الأنشطة الصحية لمدة ثلاث سنوات، عقب إعفائها من منصبها كوزيرة للصحة والحماية الاجتماعية في أكتوبر 2021.
في تلك الفترة، تولى البروفيسور خالد آيت الطالب مقاليد الوزارة خلفًا لها، وبقيت الأمور على حالها حتى مغادرته للوزارة إثر التعديل الحكومي الأخير، وبضغط قوي من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إذ تم تعيين أمين التهراوي وزيرًا للصحة والحماية الاجتماعية، وهو الذي لم يكن له أي حضور سياسي بارز من قبل. ومن هنا، تظهر الرميلي مرة أخرى على الساحة، لكنها لا تعود كوزيرة، بل كفاعل قوي في الخفاء.
نبيلة الرميلي سجلت حضورًا مفاجئًا في نشاط وزير الصحة والحماية الاجتماعية، اليوم الأربعاء 06 نونبر الجاري بالدارالبيضاء، وكان من اللافت غياب المدير الجهوي لوزارة الصحة بجهة الدار البيضاء سطات، وهو المنصب الذي كانت تشغله الرميلي سابقًا. هذا الغياب يعطي انطباعًا بأن الرميلي شرعت في استرجاع قدرتها على التأثير في قطاع الصحة على مستوى جهة الدارالبيضاء سطات، والامساك بالخيوط في الكواليس.
الرميلي، التي تشغل منصب رئيسة منظمة مهنيي الصحة في حزب “الحمامة”، قد سجلت حضورها إلى جانب الوزير الجديد بشكل خاطف كذلك في افتتاح النسخة الثانية من المنتدى الدولي للصحة الرقمية،يوم الثلاثاء 30 أكتوبر 2024 بمدينة الدارالبيضاء. وهي التي تربطها علاقة وثيقة مع رئيس الحكومة وزوجته. هذه العلاقة تُعتبر محورية في تفسير عودتها إلى الساحة، حيث تُظهر أن حضورها في الأنشطة الرسمية لوزارة الصحة ليس مجرد خطوة سياسية عادية، بل جزء من استراتيجية محكمة تهدف إلى تعزيز سيطرة حزب التجمع الوطني للأحرار على هذا القطاع الحيوي. توقيت هذا الحضور ليس محض صدفة، بل يتماشى مع مساعي أخنوش لتوسيع نفوذه في القطاعات الأساسية التي تمثل عصب الاقتصاد الوطني، وفي مقدمتها قطاع الصحة.
ولكن، المفاجأة الكبرى تكمن في أن الرميلي، التي فقدت منصبها الوزاري الذي كانت تعتبره محطة هامة في مسيرتها السياسية، وجدت نفسها اليوم تُدير وزارة الصحة من وراء الكواليس وبالخفاء إلى جانب مدير ديوان الوزير الجديد، والذي كان يشغل إلى جانبه في الكتابة العامة لرئاسة الحكومة، إذ أن عودتها المفاجئة لم تكن مجرد محاولة لاستعادة دورها السياسي فحسب، بل بداية لمرحلة جديدة من الانتقام غير المباشر من عهد آيت الطالب. وتظهر الصورة بوضوح أن حضور الرميلي، وإن بدا كتحرك سياسي عادي، فإنه في حقيقة الأمر بداية لتنفيذ مخطط غير معلن للهيمنة على وزارة الصحة.
في ظل هذا السياق، يبدو أن أمين التهراوي، الذي تم تعيينه وزيرًا للصحة والحماية الاجتماعية، هو مجرد وزير شكلي في هذا المشهد. أما الرميلي، وبإيعاز من رئيس الحكومة عزيز أخنوش وبتنسيق مع مدير ديوان الوزير وبعض مستشاري رئيس الحكومة، فقد تكون هي من تُدير دفة الوزارة من وراء الستار. هذه العودة تُعتبر بمثابة محاولة لتصحيح فترة التهميش التي عاشتها بعد إعفائها من منصبها الوزاري، وإعادة ترتيب الأمور لصالح نفوذ رئيسها وحزبه حتى يفلح في تحقيق أهدافه الشخصية ومصالحه المالية في قطاع أضحى يسيل لعاب كبار رجال الأعمال.