ظاهرة السياقة الاستعراضية أصبحت تشكل مصدر قلق في العديد من المدن المغربية، لما تسببه من تهديد لحياة سائقي الدراجات النارية ومستعملي الطريق. ورغم الإجراءات القانونية والقضائية المتخذة للتصدي لها، إلا أن هذه الظاهرة تظل مستمرة، مما يدفع المختصين إلى الدعوة لتبني استراتيجيات شاملة وضمان التعاون المتكامل بين مختلف الأطراف المعنية بقضايا الشباب.
محسن بنزاكور، أكاديمي ومتخصص في علم النفس الاجتماعي، أشار إلى أن هذه الظاهرة تتركز بشكل كبير بين الشباب والمراهقين، مؤكداً أن المشكلة تفاقمت مع انتشار فيديوهات السياقة الخطرة على مواقع التواصل الاجتماعي. واعتبر أن المسألة بدأت كمحاولة للانتماء إلى فئة مهتمة بروح التحدي، لكنها تطورت إلى مجرد “موضة” تحمل مخاطر جسيمة.
في تحليله لهذه الظاهرة، أوضح بنزاكور أن غياب سياسة استراتيجية واضحة للتعامل مع المراهقين في المغرب هو السبب الأساسي خلفها. فدور الشباب، التي كانت تلعب دوراً محورياً سابقاً في التنشئة الاجتماعية والفنية والرياضية والسياسية، لم تعد تؤدي وظيفتها بالشكل المطلوب، مما أدى إلى فراغ استغلته الثورة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي. وشدد على أن المقاربة الأمنية وحدها ليست كافية لمواجهة هذه الظاهرة بكل تداعياتها.
الباحث أكد حاجة المغرب إلى برامج تأطير حقيقية تستهدف الشباب والمراهقين في المجالات الإعلامية والفنية والسياسية، موضحاً أن المجتمع المدني انشغل بقضايا أخرى، ما أدى إلى إهمال هذه الفئة العمرية. كما أشار إلى حدوث تراجع في أدوار المدرسة المغربية التي كانت تُخصص سابقاً أنشطة رياضية واجتماعية تسهم في تأطير الناشئة بشكل فعّال. هذه الفجوة تركت الأسر تواجه المهمة بمفردها، رغم محدودية قدراتها، حيث إن بعضها يساهم بشكل غير مباشر في المشكلة من خلال توفير الدراجات لأبنائها.